عن جماعة كالفاضل في كشف اللثام والمحقق الأردبيلي في الفوائد وظاهر المحكي عن بعضهم التعميم وهو الذي اختاره بعض مشايخنا المتأخرين والأستاذ دام ظله لعمومية بعض ما تقدم من الوجوه على اعتبارها و هذا هو الحق لما قد عرفت وأما ما ذكره في الرياض من عدم الخلاف في الاختصاص فهو موهون بذهاب من عرفت إلى التعميم مع أنه لم يظهر ان مراد من ذكر الاشهاد هو اعتباره بل الظاهر أنه ذكره استظهارا واحتياطا في المشهود به ولهذا ذكر المصنف وأتم ذلك احتياطا ما صورناه.
ثانيها ان المشهور بين الأصحاب بل لم يعرف فيه مخالف اختصاص العمل بالبينة على الحكم بحقوق الناس وأما في حقوق الله والحدود فلا يعمل بها فقد يستشكل في هذا بأنه إن كان هناك دليل على اعتبار البينة فأي خصوصية لحقوق الله فليحكم باعتبارها في المقامين وإن لم يكن هناك دليل على اعتبارها فلا وجه للحكم باعتبارها في حقوق الناس أيضا.
وقد يتفصى عنه بوجوه أحدها ما ذكره في المسالك من أن حقوق الله مبنية على التخفيف وفيه أنه لو كان هناك عموم يدل على اعتبار البينة لا وجه لرفع اليد عنه من جهة ما ذكر لأنه اعتبار لم يقم دليل على اعتباره ثانيها ان وجوب امضاء حكم الحاكم إنما هو من باب الأمر بالمعروف والزام المدعى عليه بما صار تكليفه بمقتضى حكم الحاكم عليه ومعلوم ان هذا لا يجري في الحدود فان اقامتها من شأن الحاكم الذي ثبت عنده موجبها أو من يأمره بها وأما من لم يكن كذلك فلا يجوز له اقامتها وإن كان حاكما وبعبارة أخرى البينة ليست بأولى من حضور الحاكم مجلس حكم الحاكم بأن المحكوم عليه مستحق للحد الفلاني وكذا ليس أولى من اقرار المحكوم عليه بأنه محكوم عليه وفي هاتين الصورتين نمنع من جواز إقامة الحد من باب امضاء الحكم للحاكم إذا لم يأمره الحاكم الذي ثبت عنده موجب الحد فضلا عما إذا قامت البينة عليه نعم لو أذن له أوامره بها لم يكن اشكال في جواز اقامتها كما أنه لا إشكال في جواز اقامتها للعوام أيضا في هذه الصورة هذا وقد يورد عليه بأن الدليل على وجوب امضاء حكم الحاكم هو ما دل على حرمة رد حكمه ووجوب قبوله ولا دخل له بأدلة الأمر بالمعروف وإن أمكن التمسك بها في بعض الصور أيضا وما ذكر لا يفرق فيه بين الحدود و غيرها هذا ويمكن الذب عنه بأنه وإن كان مقتضى الدليل هو ما ذكر إلا أن ما دل على اشتراط مباشرة الحاكم لاستيفاء الحدود أو من هو وكيله يمنع من جواز اقامتها لغيره من دون اذنه وما يقال إن المستوفي في المقام أيضا هو الحاكم لان الكلام في وجوب امضائه فاسد جدا لان الحاكم الذي يعتبر استيفائه هو الذي يثبت عنده موجب الحد فتأمل ثالثها ما خطر ببالي القاصر من عدم الدليل على اعتبار البينة على الحكم في الحدود لان الدليل عليه إن كان هو عمومات اعتبارها فقد عرفت منع العموم وإن كان غيره من الوجوه الأربعة المذكورة في كتب الجماعة فلا يشمل المقام كما لا يخفى على من تأمل فيها وسيرها سيرا إجماليا.
ثالثها ان المشهور بين الأصحاب بل نفى الخلاف عنه بعض المشايخ انه لو تغير حال الحاكم بموت أو عزل أو جنون لم يقدح ذلك في العمل بحكمه ولو تغيرت بفسق لم يعمل بحكمه وهذا التفصيل بأي معنى فرض للعمل بالحكم إن كان عليه اجماع فهو وإلا فهو خلاف مقتضى القاعدة لان مقتضى القاعدة بعد حكم الحاكم جامعا لشرايطه حينه وجوب العمل عليه سواء بقي على الشرايط أم لا فالحكم نظير الرواية لا الفتوى حتى يتوقف بقاء اعتبارها في حق المقلد على استجماعه لشرايط الفتوى في كل زمان.
فالحاصل انه إما أن يجعل الحكم من قبيل الرواية فلا معنى للفرق بين ارتفاع الشروط وعدمه وإن