بنائهم الفرق بينها وبين ظواهر الألفاظ لا يكون ذلك قطعا.
والقول بأن أكثر الأوقات يحصل القطع مما ذكر من جهة القرائن وبعض الأحيان الذي لا يحصل القطع منها لا نسلم بنائهم على العمل بالظن والظهور فيها فاسد جدا لأنا نجد انهم مطبقون على العمل بها ولو لم يحصل القطع 1 بالمراد ألا ترى أنه لو أرسل المولى إلى عبده كتابه وفيه أوامر ونواهي فأخذ العبد بما يقطع به منها وترك إطاعة ما يظن به منها يحسن من المولى عقابه وعتابه ويذمونه العقلاء على ترك امتثال المظنون منها وليس هذا إلا من جهة عدم الفرق في اعتبار الأصول عندهم بين الألفاظ والكتابة فالحق ان وجود هذا الاحتمال لا يضر لما عرفت من الوجه وأما الاحتمال الثالث فإن حصل القطع فانتفائه فلا كلام وإلا ففي الاخذ بالظن لو حصل من الكتابة ظن بأن ظاهرها الاخبار لا الانشاء الوجهان فالحق جواز الاخذ به أيضا وأما الاحتمال الرابع فظاهرهم عدم الاعتناء به لأنك قد عرفت أنه لم يذكره في عداد ما يوجب منع كفاية الكتابة أحد من الأصحاب غير الأستاذ العلامة دام ظله بل ذكروا أحد الاحتمالات الثلاثة.
ولكن تحقيق الحق في المقام بحيث يرفع غواشي الأوهام عن وجه المرام يقتضي بسطا في الكلام.
فنقول بعون الملك العلام ان من المواضع ما نقطع باعتبار خصوص القول فيه في الكشف عن الواقع كما في الشهادة وأمثالها فإن الاجماع منعقد ظاهرا على عدم اعتبار الكتابة في باب الشهادة كما أن من الانشاءات ما يعتبر فيه اللفظ ولا يكفي فيه الكتابة كما في العقود اللازمة حسبما عليه بناء أكثر الأصحاب بل كلهم عدا بعض المتأخرين حيث ذهب إلى أن المطلوب فيها نفس المعنى القائم بنفس العاقد سواء كشف عنه بالقول أو الفعل كتابة كان أو غيرها وكما في انشاء الحكم فإن بناء الأصحاب على عدم اعتبار الكتابة فيه ومن المواضع ما يقطع بعدم الفرق فيه في مرتبة الكشف بين القول والكتابة كما في الكاشف عن رأي المجتهد للعامي فإنه لا فرق فيه بين قوله و كتابته فإن الحجة في حق المقلد ليست هي فتوى المجتهد من حيث هي حتى يقول باختصاصها بالقول بل الحجة في حق المقلد هو اعتقاد المجتهد كما أن الحجة في حق نفسه هو اعتقاده سواء كان الكاشف عنه القول أو الكتابة أو غيرهما ومن هنا يعلم أنه لو قطع العامي باعتقاد المجتهد يجوز العمل بمقتضاه وإن لم يظهره المجتهد أصلا وكما في الحكاية عن السنة فإنه لا فرق فيها بين القول والكتابة.
وأما ما أدعاه الحلي في باب نوادر القضا من السرائر من قيام الاجماع على عدم اعتبار الكتابة مطلقا حتى في باب الكشف عن رأي المجتهد والحكاية عن أحد أمناء الله تعالى في ارضه فذكر ان الحجة في حق المقلد هو خصوص قول المجتهد لا كتابته فالظاهر أنه أخطأ فيه لان كلمة الشيعة بل المسلمين مطبقة على عدم الفرق فيه ذكرنا بين اللفظ والكتب وعملهم عليه أيضا في جميع الأعصار فالاجماع عملا وقولا على خلاف ما أدعاه لا على طبقة كما أن من الانشاءات ما لا يعتبر فيه اللفظ بل يكفي الكتب أيضا كما في الوكالة وأمثالها من العقود الجايزة الاذنية فإن المناط فيها اذن المالك ورضائه بأي شئ حصل ومن المواضع ما يشتبه فيه الحال ويلتبس علينا الامر فيه فلا ندري انه من أي القسمين كما أن من الانشاءات ما اختلفوا في اعتبار اللفظ فيه كما في الوصية فمقتضى القاعدة فيه الرجوع إلى أصالة عدم اعتبار غير اللفظ.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى بيان حكم خصوص المقام فنقول الظاهر أنه لا فرق في مقام الكشف عن وقوع الحكم سابقا بين القول والكتابة وإن كان بينهما فرق في مقام انشاء الحكم فلو دل الدليل على اعتبار القول في الكشف عن وقوع الحكم نقول باعتبار الكتابة أيضا هذا ما يقتضيه النظر الجلي على القول باعتبار القول لكن .