يثرب متأصلة على مر السنين؟!. وهل يستطيع أيضا: أن يقاوم أطماع من حوله من قبائل الغزو والغارة؟! أو حتى أن يستقل في اتخاذ القرار عن قريش؟! وهل باستطاعته أن يأمن قريشا، ويطمئن إلى التعامل معها على المدى البعيد، بعد أن أدركت مدى خطر المدينة على مصالحها الحيوية؟!. وهل؟ وهل؟ إلى آخر ما هنالك.
أم ان ذلك ليس في الحقيقة الا انتحارا سياسيا، لا مبرر له، ولا يقدم عليه أحد؟ ولا تساعد عليه أي من الموازين والمقاييس حتى الجاهلية منها، فضلا عن العقلائية والاجتماعية؟!.
ولقد كان باستطاعة ابن أبي: أن ينحاز إلى المشركين في المعركة في خارج المدينة، وذلك - وإن كان أيضا يحمل في طياته أخطارا جمة له ولأصحابه - أقرب إلى تحقيق أهدافه، وأسلم له في الوصول إليها، بملاحظة ما سبق.
ولكن الظاهر هو أن دوافعه للإشارة بالبقاء هي حب السلامة، وعدم التعرض للأخطار المحتملة ما أمكنه. وحتى لا يتكرر انتصار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بدر مرة أخرى. ولا سيما مع ملاحظة زيادة عدد المسلمين، وحسن عدتهم بالنسبة إلى السابق، كما يفهم من الكلام المتقدم لبعض المشيرين.
يضاف إلى ذلك: أنهم الان يدافعون عن شرفهم وعرضهم، وبلدهم، وعن وجودهم، فلا بد أن يكونوا أكثر تصميما واقداما.
كما أن من الممكن أن يكون التزلف إلى النبي (ص) داخلا أيضا في حسابات ابن أبي في بادئ الامر.
ونلاحظ: ان التزلف، والتظاهر الكلامي بالتدين، وبالغيرة على الاسلام ومصالح المسلمين، يكون لدى المنافقين أكثر من غيرهم.