بها العجم على العرب أولها: غنينا بالطبول عن الطلول طلب من بديع الزمان الهمذاني وهو فارسي على الظاهر أن يعارضه فعارضه بأبيات أولها: أراك على شفا خطر مهول.
وقال (1): العقد الفريد عن الشعبي قال لمالك بن معاوية أحذرك الأهواء المضلة وشرها الرافضة فإنها يهود هذه الأمة يبغضون الاسلام كما يبغض اليهود النصرانية ولم يدخلوا في الاسلام رغبة ولا رهبة من الله ولكن مقتا لأهل الاسلام وبغيا عليهم وقد حرقهم علي بن أبي طالب وذلك إن محبة الرافضة محبة اليهود قالت اليهود لا يكون الملك إلا في آل داود وقالت الرافضة لا يكون الملك إلا في آل علي بن أبي طالب وقالت اليهود لا يكون جهاد حتى يخرج المسيح المنتظر وقالت الرافضة لا جهاد حتى يخرج المهدي واليهود يؤخرون صلاة المغرب حين تشتبك النجوم وكذلك الرافضة واليهود لا ترى الطلاق الثلاث شيئا وكذا الرافضة واليهود لا ترى على النساء عدة وكذا الرافضة واليهود تستحل دم كل مسلم وكذلك الرافضة واليهود حرفوا التوراة والرافضة حرفت القرآن واليهود تنتقص جبرائيل وتقول هو عدونا من الملائكة والرافضة تقول غلط جبرائيل في الوحي إلى محمد بترك علي بن أبي طالب واليهود لا تأكل لحم الجزور وكذلك الرافضة.
ونقول: هذا الكلام لا يحتاج بيان جهل قائله وسخافته وسخافة قائله وناقله إلى أكثر من ذكره بدون تعليق عليه، وإذا كان صاحب العقد الفريد ينقل في كتابه قول بعضهم إنه يكره الشيعة للشين التي في اسمهم لأنها توجد في الشر والشؤم ويصح لغيره أن يقول أكره سواهم للسين التي في اسمهم لوجودها في السوء والسم فليس بعجيب منه ان ينقل مثل هذا الكلام ولكن العجب من الأستاذ أحمد أمين كيف نقله في كتابه ولوثه به ولكننا مع وضوح سخافته تضطرنا الحال إلى التعليق عليه فالذين ينبزهم هؤلاء بالرافضة هم اتباع أهل البيت ومحبوهم والمقدمون لهم على من سواهم كما قدمهم الله تعالى في كتابه وقدمهم الرسول ص فيما صح وتواتر عنه. والأهواء المضلة ما خالفهم وحاد عن طريقهم فقد جعلهم النبي ص بمنزلة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوى وبمنزلة باب حطة من دخله كان آمنا وقال أن المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق. وشر من يهود هذه الأمة من قال إنهم يهود هذه الأمة. وكيف يبغضون الاسلام وبهم قام الاسلام وبسيف إمامهم أسس الاسلام وثبتت دعائمه وهم قد بنوا على هذا الأساس واتبعوا طريقة أهل بيت نبيهم واهتدوا بهداهم. وما أبغض الاسلام إلا من عابهم وانتقصهم فإنه بذلك راد على الله ورسوله. والذين لم يدخلوا في الاسلام رغبة ولا رهبة من الله ولكن مقتا لأهله هم من يواليهم صاحب هذا المقال إن صح إن قائله الشعبي فهو قد كان نديم عبد الملك بن مروان وقاضيه على الكوفة وما عفا عنه الحجاج لما خرج مع محمد بن الأشعث إلا لعلمه بولائه لبني أمية وهو القائل كما في العقد الفريد لقد بغضت إلينا الرافضة حديث علي بن أبي طالب. والذين حرقهم علي بن أبي طالب هم السبائية، والشيعة تبرأ منهم ومن مقالتهم. وقد اعتاد هؤلاء المنصفون ان ينبزوا بالرافضة شيعة علي كلهم. وإذا كان شبه الشيعة باليهود لأنهم يحصرون الخلافة في آل علي فجميع المسلمين شبيهون باليهود لأنهم يحصرون الخلافة في قريش لأنها عشيرة النبي. وجهاد الدفاع عند الشيعة واجب إلى يوم القيامة وقد جاهدت شيعة العراق في حرب الإنكليز تطوعا بفتوى علمائها. والشيعة تصلي المغرب حين تغيب الشمس وتذهب الحمرة المشرقية ونسبة غير ذلك إليهم كذب وافتراء. ومن المضحك المبكي نسبته إلى الشيعة أنها لا ترى الطلاق الثلاث شيئا فهي تقول كما قال أئمة أهل البيت: من قال لزوجته أنت طالق ثلاثا وقعت واحدة، ولا عيب عليها في ذلك بل العيب والشناعة على من يقول إن الواحدة تصير ثلاثا بقوله ثلاثا (2). وقد تقدم عند التعليق على كلامه في فجر الاسلام إنه نقل عن صحيح مسلم أن الطلاق الثلاث كان طلقة واحدة على عهد رسول الله ص وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر ثم أمضاه عليهم عمر فجعله ثلاثا فانظر واعجب. والذين استحلوا دماء المسلمين هم أولياء الشعبي من بني أمية وغيرهم إن صح نسبة هذا الكلام إليه لا الشيعة والذين حرفوا القرآن وحملوه على أهوائهم هم غير الشيعة. ونقله إن الشيعة لا ترى على النساء عدة وتقول غلط جبرائيل ولا تأكل لحم الجزور هل يجده مصدقا قوله في آخر الجزء الثالث من ضحى الاسلام: جاهدت نفسي أن لا أتأثر بألفي وعادتي ومذهبي وقوله في مقام آخر: وسنعتمد في وجهة نظرهم على كتبهم فهو أنصف لهم فهل يرى نفسه غير متأثر بألفة وعادته في تقليد من دأبهم الافتراء على الشيعة فينقل عنهم هذه الأكاذيب ويودعها كتابه غير متأثم ولا متحرج أو أن عادته وألفه قد تغلبا عليه ولم يكن جهاده إلا بالقول فقط. وهل وجد شيئا من هذه الافتراءات المخجلة في كتبهم ليكون قد انصفهم؟ كلا:
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسدا وبغيا إنه لدميم وقال (3): وقالت الشيعة في الرجعة على نحو ما قال اليهود كان عند اليهود إن الياس صعد إلى السماء وسيعود فيعيد الدين فقال ابن سبأ اليهودي كما حكى ابن حزم لو أتيتمونا بدماغه ألف مرة ما صدقنا موته ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ونمت هذه الفكرة عند الشيعة فقالوا كذلك في بعض الأئمة الذين اختفوا ثم قالوا كذلك في المهدي المنتظر.
ونقول: في هذا الكلام المنقول عن ابن حزم مضافا إلى الكذب الخبط والخلط. وابن حزم قد عرفت حاله عند الرد على كلامه في هذا الجزء وابن سبا اليهودي ان وجد يبرأ الشيعة منه ومن مقالته والمهدي المنتظر لا تختص الشيعة باعتقاده.
وقال (4): قد جد علماء السوء في وضع الأحاديث للحط من شأن الأمويين وإعلاء شأن العباسيين الخ.
ونقول: إذا كان علماء السوء جدوا في وضع الأحاديث في ذم الأمويين ومدح العباسيين في دولتهم فما أحراهم أن يجدوا في الدولتين في وضع الأحاديث في ذم العلويين وشيعتهم وقد فعلوا.
وقال (5): إن الشيعة هاجموا العباسيين كما هاجموا الأمويين من قبل وأخذوا يكبرون مساويهم ويختلقون عليهم كما ترى أحيانا في تاريخ اليعقوبي وابن طباطبا وغيرهما.
ونقول: قبائح الأمويين والعباسيين قد ملأت كتب التاريخ غير