ثم ضربه فقتله ثم اقبل الأشتر يضرب بسيفه جمهور الناس حتى كشف أهل الشام عن الماء وهو يقول:
- لا تذكروا ما قد مضى وفاتا * والله ربي باعث أمواتا - - من بعد ما صاروا كذا رفاتا * لأوردن خيلي الفراتا - - شعث النواصي أو يقال ماتا - وكان لواء الأشعث مع معاوية بن الحارث فقال له الأشعث لله أنت ليست النخع بخير من كندة قدم لواءك فتقدم صاحب اللواء وهو يقول:
- أ نعطش اليوم فينا الأشعث * فابشروا فإنكم لن تلبثوا - - ان تشربوا الماء فلا تريثوا - وكان الأشتر قد تعالى بخيله حيث أمره علي ع فبعث إليه الأشعث أن أقحم الخيل فاقحمها حتى وضعت سنابكها في الفرات وأخذت القوم السيوف فولوا مدبرين فقال علي ع هذا يوم نصرنا فيه الأشعث بالحمية وقال الأشعث يا أمير المؤمنين قد غلب الله لك على الماء. وقال عمرو بن العاص لمعاوية ما ظنك بالقوم أن منعوك الماء اليوم كما منعتهم أمس أ تراك ضاربهم عليه كما ضاربوك عليه وما أغنى عنك أن تكشف لهم السوأة قال دع عنك ما مضى ما ظنك بعلي قال ظني أنه لا يستحل منك ما استحللت منه وإن الذي جاء له غير الماء فلما غلب علي على الماء فطرد عنه أهل الشام بعث إلى معاوية أنا لا نكافيك بصنعك هلم إلى الماء فنحن وأنتم فيه سواء فاخذ كل منهما بالشريعة مما يليه وقال علي لأصحابه ان الخطب أعظم من منع الماء وقال معاوية لله در عمرو ما عصيته في أمر إلا أخطأت الرأي فيه.
المراسلة بين علي ومعاوية بصفين ومكث علي يومين لا يراسل معاوية ولا يأتيه من قبل معاوية أحد ثم أن عليا دعا بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمداني وشبث بن ربعي التميمي فقال ائتوا هذا الرجل فادعوه إلى الله عز وجل وإلى الطاعة والجماعة وإلى اتباع أمر الله تعالى فقال له شبث أ لا نطمعه في سلطان توليه إياه ومنزلة تكون له بها اثرة عندك إن هو بايعك قال علي ائتوه الآن فالقوه واحتجوا عليه وانظروا ما رأيه وهذا في ربيع الآخر فاتوه فحمد الله أبو عمرة بن محصن وأثنى عليه وقال يا معاوية ان الدنيا عنك زائلة وإن الله مجازيك بغملك وإني أنشدك بالله أن تفرق جماعة هذه الأمة وتسفك دماءها بينها. فقطع معاوية عليه الكلام فقال هلا أوصيت صاحبك فقال سبحان الله أن صاحبي ليس مثلك أن صاحبي أحق البرية بهذا الأمر في الفضل والدين والسابقة في الاسلام والقرابة من رسول الله ص قال معاوية فتقول ما ذا؟ قال أدعوك إلى تقوى ربك وإجابة ابن عمك إلى ما يدعوك إليه من الحق فإنه أسلم لك في دينك وخير في عاقبة امرك، قال ويطل دم عثمان لا والرحمن لا أفعل ذلك أبدا فذهب سعيد يتكلم فبدره شبث بن ربعي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا معاوية أنه لا يخفى علينا ما تقرب وما تطلب أنك لا تجد شيئا تستهوي به الناس إلا أن قلت لهم قتل إمامكم مظلوما فهلموا نطلب بدمه فاستجاب لك سفهاء طغام رذال وقد علمنا أنك أبطأت عليه بالنصر وأحببت له القتل لهذه المنزلة التي تطلب ورب مبتغ أمرا يحول الله دونه وربما أوتي المتمني أمنيته وربما لم يؤتها والله ما لك في واحدة منهما خير والله ان أخطأك ما ترجو انك لشر العرب حالا ولئن أصبت ما تتمناه لا تصيبه حتى تستحق صلا النار فاتق الله يا معاوية ولا تنازع الأمر أهله، فقال معاوية إني أول ما عرفت به سفهك وخفة حلمك قطعك على هذا الحسيب الشريف سيد قومه منطقه ثم عتبت بعد فيما لا علم لك به ولقد كذبت ولؤمت أيها الأعرابي الجلف الجافي في كل ما وصفت وذكرت انصرفوا من عندي فليس بيني وبينكم إلا السيف فخرجوا وشبث يقول:
أ فعلينا تهول بالسيف إنا والله لنعجلنه إليك فاتوا عليا فاخبروه بما كان وخرج قراء أهل العراق وقراء أهل الشام فعسكروا ناحية صفين في ثلاثين ألفا وعسكر علي على الماء وعسكر معاوية فوق ذلك ومشت القراء فيما بين معاوية وعلي فيهم عبيدة السلماني وعلقمة بن قيس النخعي وعبد الله بن عتبة وعامر بن عبد القيس وقد كان في بعض تلك السواحل فانصرف إلى عسكر علي فدخلوا على معاوية فقالوا ما الذي تطلب قال اطلب بدم عثمان قالوا ممن قال من علي قالوا وعلي قتله قال نعم هو قتله وآوى قاتله فدخلوا على علي فقالوا ان معاوية يزعم أنك قتلت عثمان قال اللهم لكذب فيما قال لم اقتله فرجعوا إلى معاوية فاخبروه فقال إن لم يكن قتله بيده فقد أمر ومالأ فرجعوا إلى علي فقالوا ان معاوية يزعم أنك إن لم تكن قتلت بيدك فقد أمرت ومالأت فقال اللهم كذب فيما قال فرجعوا إلى معاوية فقالوا ان عليا يزعم أنه لم يفعل فقال إن كان صادقا فليمكنا من قتلة عثمان فإنهم في عسكره وجنده وأصحابه وعضده فرجعوا إلى علي فاخبروه فقال لهم علي تأول القوم عليه القرآن ووقعت الفرقة وقتلوه في سلطانه وليس على ضربهم قود، فخصم علي معاوية ذكره نصر بن مزاحم في كتاب صفين قال معاوية إن كان الأمر كما يزعم فما له أبتز الأمر دوننا على غير مشورة منا ولا ممن هاهنا معنا فقال علي إنما الناس تبع المهاجرين والأنصار وهم شهود المسلمين في البلاد على ولايتهم وأمر دينهم فرضوا بي وبايعوني فرجعوا إلى معاوية فاخبروه بذلك فقال ليس كما يقول فما بال من هنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر فانصرفوا إلى علي فقالوا له ذلك فقال ويحكم هذا للبدريين دون الصحابة ليس في الأرض بدري إلا قد بايعني وهو معي أو قد أقام ورضي فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم، فتراسلوا ثلاثة أشهر ربيع الآخر وجمادين فيزحف بعضهم إلى بعض ويحجز القراء بينهم فتزاحفوا خمسا وثمانين مرة في ثلاثة أشهر وتحجز القراء بينهم ولا يكون بينهم قتال وخرج أبو امامة الباهلي وأبو الدرداء فدخلا على معاوية وكانا معه فقالا علا م تقاتل هذا الرجل فوالله لهو أقدم منك سلما وأحق بهذا الأمر منك وأقرب من النبي ص فعلا م تقاتله فقال أقاتله على دم عثمان وأنه آوى قتلته فقولوا له فليقدنا من قتلته وأنا أول من بايعه فانطلقوا إلى علي فاخبروه فقال هم الذين ترون فخرج عشرون ألفا أو أكثر مسربلين في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق فقالوا كلنا قتلته فان شاؤوا فليروموا ذلك منا فرجع أبو إمامة وأبو الدرداء فلم يشهدا شيئا من القتال حتى إذا كان رجب وخاف معاوية أن يبايع القراء عليا على القتال أخذ في المكر وأخذ يحتال للقراء لكيما يحجموا عنه ويكفوا حتى ينظروا.
حيلة لمعاوية وكتب معاوية في سهم: من عبد الله الناصح فاني أخبركم أن معاوية يريد أن يفجر عليكم الفرات فيغرقكم فخذوا حذركم ورمى بالسهم في عسكر علي فوقع في يد رجل من أهل الكوفة وتداولته الأيدي حتى وصل إلى