والعقاب لأن الاحباط باطل عندهم وإذا بطل الاحباط فلا معصية إلا يستحق فاعلها الذم والعقاب فإذا كان استحقاق الذم والعقاب منفيا عن الأنبياء ع وجب أن ينفى عنهم سائر الذنوب ويصير الخلاف بين الشيعة والمعتزلة متعلقا بالاحباط فإذا بطل الاحباط فلا بد من الاتفاق على أن شيئا من المعاصي لا يقع من الأنبياء من حيث يلزمهم استحقاق الذم والعقاب اه.
وقال السعد التفتازاني في شرح العقائد النسفية: الأنبياء معصومون عن الكذب خصوصا فيما يتعلق بتبليغ الأحكام أما عمدا فبالإجماع وأما سهوا فعند الأكثرين ومعصومون عن الكفر قبل الوحي وبعده بالاجماع وكذا عن تعمد الكبائر عند الجمهور خلافا للحشوية وإنما الخلاف في امتناعه بدليل السمع أو العقل وأما سهوا فجوزه الأكثرون وأما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور خلافا للجبائي وأتباعه وتجوز سهوا بالاتفاق إلا ما يدل على الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة لكن المحققين اشترطوا أن ينبهوا عليه فينتبهوا هذا كله بعد الوحي أما قبله فلا دليل على امتناع لأنها توجب النفرة المانعة عن اتباعهم فتفوت مصلحة البعثة. والحق منع ما يوجب النفرة كعهر الأمهات والفجور والصغائر الدالة على الخسة. ومنع الشيعة صدور الصغيرة والكبيرة قبل الوحي وبعده لكنهم جوزوا إظهار الكفر تقية اه.
الثاني عشر إن النبي ص لم يكن متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص فيه بل لا يتعبد إلا بالوحي وما لم يوح إليه في أمره ينتظر فيه الوحي قال بذلك الشيعة وقال العضدي في شرح مختصر المنتهى لابن الحاجب هل كان النبي ص متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص فيه اختلف في جوازه ووقوعه المختار وقوعه وبه قال أبو يوسف وغيره اه.
الثالث عشر الإمامة قالت الشيعة الاثنا عشرية: الامام يجب ان يكون منصوبا من قبل الله ويجب ان يكون معصوما وأن يكون أكمل أهل زمانه وأفضلهم كما مر. وقالت الأشاعرة والمعتزلة والزيدية الإمامة تكون بالاختيار فمن اختير صار إماما واجب الطاعة ولا يشترط أهل زمانه وإنما يشترط عند الزيدية ان يكون من ولد علي وفاطمة وأن يكون شجاعا عالما يخرج بالسيف وشرطين آخرين قال السيد في شرح العقائد النفسية:
الاجماع على أن نصب الإمام واجب وإنما الخلاف في أنه يجب على الله تعالى أو على الخلق بدليل سمعي أو عقلي والمذهب أنه يجب على الخلق سمعا بقوله ع: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ولأن الأمة قد جعلوا أهم المهمات بعد وفاة النبي ع نصب الإمام حتى قدموه على الدفن ولتوقف كثير من الواجبات الشرعية عليه كإقامة الحدود وسد الثغور وغيرها. وفي العقائد النسفية وشرحها للسعد: الخلافة ثلاثون سنة ثم بعدها ملك وإمارة لقوله ع: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا وقد استشهد علي ع على رأس ثلاثين سنة من وفاته ص فمعاوية ومن بعده ملوك لا خلفاء ويشكل بان أهل الحل والعقد اتفقوا على خلافة العباسية وبعض المروانية كعمر بن عبد العزيز.
وأيضا يلزم أن يكون الزمان بعد الراشدين خاليا عن الامام فتكون ميتة أهله كلها جاهلية إلا أن يراد الخلافة الكاملة أو انقضاء دور الخلافة دون الإمامة بناء على أن الامام أعم لكن هذا الاصطلاح لم نجده بل من الشيعة من يزعم أن الخليفة أعم ولهذا يقولون بخلافة الأئمة الثلاثة دون إمامتهم أما بعد العباسية فالامر مشكل. قال: ويكون الإمام من قريش ولا يجوز من غيرهم ولا يختص ببني هاشم وأولاد علي يعني يشترط ان يكون الامام قرشيا لقوله ع الأئمة من قريش وهذا وإن كان خبر واحد لكن لما رواه أبو بكر محتجا به على الأنصار لم ينكره أحد فصار مجمعا عليه لم يخالف إلا الخوارج وبعض المعتزلة ويشترط أن يكون من أهل الولاية المطلقة الكاملة أي مسلما حرا ذكرا عاقلا بالغا ولا ينعزل بالفسق والجور وعن الشافعي إنه ينعزل بالفسق والجور وكذا القاضي والمسطور في كتب الشافعية إن القاضي ينعزل بالفسق بخلاف الامام اه.
وفي تنزيه الأنبياء والأئمة: جوز المعتزلة والحشوية وأصحاب الحديث على الأئمة الكبائر والصغائر إلا أنهم يقولون إن بوقوع الكبيرة من الامام تفسد إمامته ويجب عزله والاستبدال به اه.
مذهب الشيعة في أصول الفقه الفقه عندهم هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية والعالم بها كذلك هو الفقيه ويقال له المجتهد والأحكام المذكورة خمسة الوجوب والندب والتحريم والكراهة والإباحة فالواجب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه والحرام بالعكس والمندوب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه والمكروه بالعكس والمباح ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه وأدلة الأحكام المذكورة أربعة: الكتاب والسنة والاجماع والعقل واقتصر الاخبارية منهم على الكتاب والسنة وعلم الأصول هو الباحث عن هذه الأدلة الأربعة.
مذهبهم في الاجتهاد إن بابه مفتوح وأنه ممكن في كل زمان وواقع لمن جمع شروطه الآتية وأنه واجب على الكفاية وإن من بلغ درجة الاجتهاد وجب عليه العمل برأيه ولم يجز له تقليد غيره وجاز للعوام تقليده ويحكى عن فقهاء حلب من الشيعة أنهم أوجبوا الاجتهاد عينا وهو قول متروك. ومذهبهم أنه ليس كل مجتهد مصيب بل لله تعالى في كل واقعة حكم أصابه من أصابه وأخطاه من اخطأه فان أصابه المجتهد وإلا فهو ومقلده معذوران مع عدم التقصير. وإنه لا يجوز الاجتهاد فيما قابل النص من ظاهر كتاب أو نصهما ولا فيما خالف اجماع المسلمين ولا فيما خالف ما استقل به العقل. واقفل غيرنا باب الاجتهاد واكتفوا بالرجوع إلى أحد المذاهب الأربعة المعروفة إلا حيث يضطرهم الحال كما في بعض مسائل الوقف. وحسنا فعلوا فإنه لو بقي باب الاجتهاد مفتوحا عندهم على مصراعيه مع القول بالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة لتغير الكثير أو الأكثر من احكام الشرع. أما الشيعة فلما كانت دائرة الاجتهاد عندهم ضيقة لعدم استنادهم إلى القياس ورفيقيه لم يقع من فتحهم باب الاجتهاد ضرر.
مذهبهم في التقليد إنه يجب على العامل تقليد المجتهد العدل الحي وبعضهم يوجب تقليد الأعلم عند تعدد المجتهدين ولا يجوز تقليد غير المجتهد ولا المجتهد الفاسق ولا تقليد الميت ابتداء إلا عند الأخباريين منهم واختلفوا في جواز البقاء على تقليد الميت. وقالت الاخبارية منهم لا يجوز الاجتهاد ولا التقليد بل يجب الرجوع إلى قول المعصوم للقادر عليه لكونه من أهل العلم وغيره يرشده العالم إلى اخذه من الاخبار وهذا في الحقيقة قول بالاجتهاد والتقليد فهو شبيه بالنزاع اللفظي ولذلك نسبنا إليهم القول بجواز تقليد الميت ابتداء