فقالوا لي ان الأمة لا ترضى إلا بك وأنا نخاف ان لم تفعل أن يفترق الناس فبايعتهم فلم يرعني الا شقاق رجلين قد بايعاني وخلاف معاوية إياي الذي لم يجعل الله له سابقة في الدين ولا سلف صدق في الاسلام طليق ابن طليق وحزب من الأحزاب لم يزل لله ولرسوله وللمسلمين عدوا هو وأبوه حتى دخلا في الاسلام كارهين مكرهين فعجبنا لكم ولاجلابكم معه وانقيادكم له وتدعون أهل بيت نبيكم ص الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم ولا أن تعدلوا بهم أحدا من الناس إني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيكم ص وإماتة الباطل وإحياء معالم الدين فقال له شرحبيل ومعن بن يزيد أ تشهد أن عثمان قتل مظلوما فقال اني لا أقول ذلك قالا فمن لم يشهد أنه قتل مظلوما فنحن براء منه ثم انصرفا فقال علي ع إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم الآية ثم أقبل على أصحابه فقال لا يكن هؤلاء بأولى بالجد في ضلالتهم منكم في حقكم. ثم مكث الناس حتى دنا انسلاخ المحرم فقال حابس بن سعيد الطائي وكان صاحب لواء طئ مع معاوية وقتل معه:
- أما بين المنايا غير سبع * بقين من المحرم أو ثماني - - أ ينهانا كتاب الله عنهم * ولا ينهاهم السبع المثاني - فلما انسلخ المحرم و استقبل صفر سنة 37 بعث علي نفرا من أصحابه فيهم مرثد بن الحارث الجشمي حتى إذا كانوا من عسكر معاوية بحيث يسمعونهم الصوت نادى مرثد عند غروب الشمس: يا أهل الشام أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأصحاب رسول الله ص يقولون لكم أنا والله ما كففنا عنكم شكا في أمركم ولا بقيا عليكم وإنما كففنا عنكم لخروج المحرم ثم انسلخ وأنا قد نبذنا إليكم على سواء أن الله لا يحب الخائنين وفي رواية أمره فنادى يا أهل الشام الا أن أمير المؤمنين يقول لكم إني قد استنبذتكم واستأنيتكم لتراجعوا الحق وتنيبوا إليه واحتججت عليكم بكتاب الله ودعوتكم إليه فلم تتناهوا عن طغيان ولم تجيبوا إلى حق وإني قد نبذت إليكم على سواء أن الله لا يحب الخائنين فثار الناس إلى أمرائهم ورؤسائهم وخرج معاوية وعمرو بن العاص يكتبان الكتائب ويعبيان العساكر وأوقدوا النيران وجاءوا بالشموع وبات علي ليلته كلها يعبي الناس ويكتب الكتائب ويدور في الناس ويحرضهم.
وصايا أمير المؤمنين ع لعسكره كان أمير المؤمنين ع يأمر عساكره في كل موطن لقوا معه عدوه فيقول: لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدؤوكم حجة أخرى لكم عليهم فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تكشفوا عورة ولا تمثلوا بقتيل فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تتهتكوا سترا ولا تدخلوا دارا إلا باذني ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة إلا باذني وإن شتمن أعراضكم وتناولن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوى والأنفس ولقد كنا وإنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالهراوة أو الحديد فيعير بها عقبه من بعده. وسمع منه ع أيام الجمل وصفين والنهروان أنه كان يقول للناس: عباد الله اتقوا الله عز وجل وغضوا الأبصار واخفضوا الأصوات وأقلوا الكلام ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة والمبارزة والمعانقة والمكادمة واثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين اللهم ألهمهم الصبر وأنزل عليهم النصر وأعظم لهم الأجر.
ابتداء الوقعة العظمى يوم صفين قال نصر: عقد أمير المؤمنين ومعاوية الألوية وأمرا الأمراء وكتبا الكتائب فاستعمل علي ع على الخيل عمار بن ياسر وفي رواية انه استعمله على رجالة أهل الكوفة وعلى خيل أهل الكوفة الأشتر وعلى خيل أهل البصرة سهل بن حنيف وعلى الرجالة عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعلى رجالة أهل البصرة قيس بن سعد وكان قد أقبل من مصر إلى صفين فإنه كان واليا بمصر كما مر، ودفع اللواء إلى هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري وجعل الميمنة اليمن وعليها الأشعث بن قيس وعلى رجالتها سليمان بن صرد الخزاعي وجعل الميسرة ربيعة وعليها عبد الله بن عباس وعلى رجالتها الحارث بن مرة العبدي وجعل القلب مضر الكوفة والبصرة وعقد ألوية القبائل فأعطاها قوما بأعيانهم جعلهم رؤساءهم وأمراءهم فعلى قريش وأسد وكنانة عبد الله بن عباس وعلى كندة حجر بن عدي وعلى بكر البصرة حضين بن المنذر وعلى تميم البصرة الأحنف بن قيس وعلى خزاعة عمرو بن الحمق وعلى سعد ورباب البصرة جارية بن قدامة السعدي وعلى بجيلة رفاعة بن شداد وعلى قضاعة وطئ عدي بن حاتم وعلى همدان سعيد بن قيس وعلى مذحج الأشتر بن الحارث النخعي وعلى عبد القيس الكوفة صعصعة بن صوحان وعلى قيس الكوفة عبد الله بن الطفيل الكناني وعلى ذهل الكوفة يزيد بن رويم الشيباني إلى غير ذلك. واستعمل معاوية على الخيل عبيد الله بن عمر بن الخطاب وعلى الرجالة مسلم بن عقبة المري صاحب وقعة الحرة وعلى الميمنة وهم أهل حمص وقنسرين عبد الله بن عمرو بن العاص وعلى الميسرة وهم أهل الأردن وفلسطين حبيب بن مسلمة الفهري واعطى اللواء عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وعلى أهل دمشق وهم القلب الضحاك بن قيس الفهري وعلى أهل حمص ذو الكلاع الحميري وعلى أهل قنسرين زفر بن الحارث وعلى أهل الأردن أبا الأعور السلمي سفيان بن عمرو وعلى رجالة دمشق بسر بن أبي أرطأة العامري وعلى رجالة حمص حوشبا ذا ظليم وعلى الخيل عمرو بن العاص واستعمل على باقي القبائل وأهل البلاد أشخاصا آخرين لا نطيل بذكرهم. وبايع رجال من أهل الشام على الموت فعقلوا أنفسهم بالعمائم فكانوا خمسة صفوف معقلين وكانوا يخرجون فيصطفون أحد عشر صفا ويخرج أهل العراق فيصطفون أحد عشر صفا.
علامة أهل الشام وأهل العراق وشعارهم وألوان راياتهم قال نصر: كانت علامة أهل العراق بصفين الصوف الأبيض قد جعلوه في رؤوسهم وعلى أكتافهم، وشعارهم يا الله يا أحد يا صمد يا رب محمد يا رحمن يا رحيم وكانت علامة أهل الشام خرقا بيضا قد جعلوها على رؤوسهم وأكتافهم وكان شعارهم: نحن عباد الله حقا حقا يا لثارات عثمان وكانت رايات أهل العراق سودا وحمرا ودكنا وبيضا ومعصفرة وصفرا وموردة والألوية مضروبة دكن وسود ولم يذكر ألوان رايات أهل الشام.
ابتداء القتال بعد الهدنة فخرجوا يوم الأربعاء أول يوم من صفر سنة 37 وعلى من خرج من أهل الكوفة الأشتر وعلى أهل الشام حبيب بن مسلمة فاقتتلوا قتالا شديدا جل النهار ثم تراجعوا وقد انتصف بعضهم من بعض ثم خرج هاشم بن عتبة في خيل ورجالة حسن عددها وعدتها وخرج إليه من أهل الشام أبو الأعور السلمي فاقتتلوا يومهم ذلك تحمل الخيل على الخيل والرجال على