وأما عمر بن علي بن الحسين فرد الكاتب وقال ما أعرف كاتبه فأجيبه. فهذا الذي صدر من الصادق ع يدل على عظم قدره وإصابة رأيه على الأقل وعلى قصور نظر عبد الله في اغتراره بذلك وعدم قبوله النصح من الصادق واتهامه إياه بعد ما أقام له الحجة الواضحة على صحة ما أشار به، ولله أمر هو بالغه. وفي قوله لو أعلمتني لجئتك دليل على كرم أخلاقه ومحافظته على حق الرحم مع مزاحمة عبد الله له فيما ليس له باهل، وايصائه إلى خمسة أحدهم المنصور الباقون محمد بن سليمان والي المدينة وولداه عبد الله وموسى وحميدة جاريته أدل دليل على بعد نظره بتخليص وصيه الحقيقي من القتل باشراكه في الوصية مع جماعة أحدهم فرعون بني العباس.
ما فعله حين حمل المنصور بني حسن إلى العراق روى أبو الفرج الأصبهاني باسناده إلى الحسين بن زيد بن علي قال إني لواقف القبر والمنبر إذ رأيت بني حسن يخرج بهم من دار مروان يراد بهم الربذة فأرسل إلي جعفر بن محمد ما وراءك قلت رأيت بني حسن يخرج بهم في محامل فقال إجلس فدعا غلاما له ثم دعا ربه كثيرا ثم قال لغلامه اذهب فإذا حملوا فائت فأخبرني فاتاه الرسول فقال قد أقبل بهم فقام جعفر فقام وراء ستر شعر أبيض فطلع بعبد الله بن حسن وإبراهيم بن حسن وجميع أهلهم كل واحد منهم معادله مسود فلما نظر إليهم جعفر بن محمد هملت عيناه حتى جرت دموعه على لحيته ثم أقبل علي فقال يا أبا عبد الله والله لا تحفظ لله حرمة بعد هذا والله ما وفت الأنصار لرسول الله ص بما أعطوه من البيعة على العقبة على أن يمنعوه وذريته بما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم.
أخباره مع المنصور في مطالب السؤول: حدث عبد الله بن الفضل بن الربيع عن أبيه قال حج المنصور سنة 147 فقدم المدينة وقال للربيع ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا قتلني الله إن لم اقتله فتغافل الربيع عنه لينساه ثم أعاد ذكره للربيع وقال ابعث من يأتينا به متعبا فتغافل عنه ثم أرسل إلى الربيع رسالة قبيحة أغلظ له فيها وأمره أن يبعث من يحضر جعفرا ففعل فلما أتاه قال له الربيع يا أبا عبد الله أذكر الله فإنه قد أرسل إليك بما لا دافع له غير الله. فقال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم أن الربيع أعلم المنصور بحضوره فلما دخل جعفر عليه أوعده وأغلظ له وقال: اي عدو الله أتخذك أهل العراق إماما يجبون إليك زكاة أموالهم وتلحد في سلطاني وتبغيه الغوائل قتلني الله إن لم أقتلك، فقال له يا أمير المؤمنين إن سليمان ع أعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر وإن يوسف ظلم فغفر وأنت من ذلك السنخ، فلما سمع ذلك المنصور منه قال له إلي وعندي أبا عبد الله أنت البرئ الساحة السليم الناحية القليل الغائلة جزاك الله من ذي رحم أفضل ما جزى ذوي الأرحام عن أرحامهم ثم تناول يده فأجلسه معه على فراشه ثم قال علي بالطيب فاتي بالغالية فجعل يغلف لحية جعفر بيده حتى تركها تقطر ثم قال قم في حفظ الله وكلاءته ثم قال يا ربيع الحق أبا عبد الله جائزته وكسوته. انصرف أبا عبد الله في حفظه وكنفه فانصرف. قال الربيع ولحقته فقلت له إني قد رأيت قبلك ما لم تره ورأيت بعدك ما لا رأيته فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت قال قلت:
دعاء لدفع الظالم اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام واغفر لي بقدرتك علي ولا أهلك وأنت رجائي اللهم أنت أكبر وأجل مما أخاف وأحذر اللهم بك أدفع في نحره واستعيذ بك من شره وفي رواية واكنفني بكنفك الذي لا يرام ولا يضام أحاديث في حلية الأولياء من طريق الصادق ع في حلية الأولياء: حدثنا محمد بن عمر بن سالم حدثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب ع حدثني أبي عن أبيه عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن علي بن الحسين بن علي عن أمير المؤمنين علي قال رسول الله ص: من نقله الله عز وجل من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس ومن خاف الله أخاف الله منه كل شئ ومن لم يخف الله أخافه الله تعالى من كل شئ ومن رضي من الله تعالى باليسير من الرزق رضي الله تعالى منه باليسير من العمل ومن لم يستح من طلب المعيشة خفت مؤونته ورحي باله ونعم عياله ومن زهد في الدنيا ثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار القرار.
وبسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي ع قال رسول الله ص يا علي اتق دعوة المظلوم فإنما يسال الله حقه وإن الله لم يمنع ذا حق حقه.
حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سلم أملأ حدثنا القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدثني أبي عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي رأيت رسول الله ص قام خطيبا على أصحابه فقال: أيها الناس كان الموت فيها على غيرنا كتب وكان الحق فيها على غيرنا وجب وكان الذي نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نأكل تراثهم كأننا مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظة وأمنا كل جائحة طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس طوبى لمن طاب مكسبه وصلحت سريرته وحسنت علانيته واستقامت طريقته طوبى لمن تواضع لله من غير منقصة وأنفق مما جمعه من غير معصية وخالط أهل الفقه والحكمة ورحم أهل الذل والمسكنة وطوبى لمن أنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة ولم يعدل عنها إلى بدعة.
من أسند عنهم الصادق ع في حلية الأولياء أسند جعفر بن محمد عن أبيه وعن عطاء بن أبي رباح وعكرمة وعبيد الله بن أبي رافع وعبد الرحمن بن القاسم وغيرهم ا ه أقول اسناده عمن ذكر غير أبيه إنما كان لبعض المصالح وإلا فهو ليس بحاجة أن يسند عن أحد.
الراوون عن الصادق ع مر في مناقبه أن الرواة عنه من الثقات أربعة آلاف رجل ومر في المقدمات قول الطبرسي في إعلام الورى أنه تضافر النقل بان الذين رووا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ع من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان. وقول المحقق في المعتبر روى عنه ما يقارب أربعة آلاف رجل وبرز بتعليمه من الفقهاء الأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين وأخويه بكير وحمران وجميل بن صالح وجميل بن دراج ومحمد بن مسلم