الخائنين فقال علي أصابكم حاصب (1) ولا بقي منكم آبر (2) أ بعد ايماني برسول الله ص وهجرتي معه وجهادي في سبيل الله أشهد على نفسي بالكفر لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، ثم انصرف عنهم فتنادوا لا تخاطبوهم ولا تكلموهم وتهيئوا للقاء الرب، الرواح الرواح إلى الجنة، وخرج علي فعبأ أصحابه وعبأت الخوارج. قال الطبري ورفع علي ع راية أمان مع أبي أيوب فناداهم من جاء هذه الراية ممن لم يقتل فهو آمن ومن انصرف إلى الكوفة أو المدائن فهو آمن فانصرف خمسمائة فارس منهم إلى البندنيجين وخرجت طائفة إلى الكوفة وخرج إلى المدائن نحو مائة وكانوا أربعة آلاف فبقي منهم ألفان وثمانمائة وزحفوا إلى علي. قال المسعودي: وقف عليهم علي بنفسه فدعاهم إلى الرجوع والتوبة فأبوا ورموا أصحابه فقيل له قد رمونا فقال كفوا فكرروا القول عليه ثلاثا وهو يأمرهم بالكف حتى اتي برجل قتيل متشحط بدمه فقال علي: الله أكبر الآن حل قتالهم احملوا على القوم فحمل رجل من الخوارج على أصحاب علي فجرح فيهم وجعل يغشى كل ناحية ويقول:
- اضربهم ولو ارى عليا * ألبسته أبيض مشرفيا - فخرج إليه علي ع وهو يقول:
- يا أي هذا المبتغي عليا * اني أراك جاهلا شقيا - - قد كنت عن كفاحه غنيا * هلم فأبرز هاهنا اليا - وحمل عليه علي فقتله ثم خرج منهم آخر فحمل على الناس ففتك فيهم وجعل يكر عليهم وهو يقول:
- اضربهم ولو أرى أبا حسن * ألبسته بصارمي ثوب غبن - فخرج إليه علي وهو يقول:
- يا أيهذا المبتغي أبا حسن * إليك فانظر أينا يلقي الغبن - وحمل عليه وشكه بالرمح وترك الرمح فيه وانصرف علي وهو يقول لقد رأيت أبا حسن فرأيت ما تكره وقال المبرد لما واقفهم علي ع بالنهروان قال لا تبدؤوهم بقتال حتى يبدؤوكم فحمل منهم رجل على صف علي فقتل منهم ثلاثة ثم قال:
- اقتلهم ولا ارى عليا * ولو بدا أوجرته الخطيا - فخرج إليه علي ع فضربه فقتله فلما خالطه سيفه قال يا حبذا الروحة إلى الجنة فقال عبد الله بن وهب من رؤساء الخوارج والله ما أدري إلى الجنة أم إلى النار فقال رجل منهم من بني سعد انما حضرت اغترارا بهذا الرجل يعني عبد الله واراه قد شك واعتزل عن الحرب بجماعة من الناس وقال علي ع لا يقتل منكم عشرة ولا يسلم منهم عشرة فقتل من أصحابه تسعة أو سبعة وسلم من الخوارج ثمانية، وقال المسعودي أنه قال والله لا يفلت منهم الا عشرة ولا يقتل منكم عشرة فقتل من أصحاب علي تسعة ولم يفلت من الخوارج الا عشرة. ثم تنادى الخوارج الرواح الرواح إلى الجنة وشدوا على الناس. روى أبو عبيدة معمر بن المثنى قال التفت علي إلى أصحابه فقال لهم شدوا عليهم فانا أول من يشد عليهم وحمل بذي الفقار حملة منكرة ثلاث مرات كل حملة يضرب به حتى يعوج متنه ثم يخرج فيسويه بركبتيه ثم يحمل به حتى أفناهم. قال الطبري فاستقبلت المرامية وجوههم بالنبل وعطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف فما لبثوهم أن أناموهم، ثم إن صاحب خيلهم لما رأى الهلاك نادى أصحابه إن أنزلوا فذهبوا لينزلوا فلم يستقروا حتى حملت عليهم الخيل فأهمدوا في الساعة. وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى قال طعن واحد من الخوارج يوم النهروان فمشى في الرمح وهو شاهر سيفه إلى أن وصل إلى طاعنه فضربه فقتله وهو يقرأ وعجلت إليك رب لترضى.
قال الطبري: وطلب من به رمق منهم فوجدوا أربعمائة رجل فامر بهم علي ع فدفعوا إلى عشائرهم وقال احملوهم معكم فداووهم فإذا برئوا فوافوا بهم الكوفة وخذوا ما في عسكرهم من شئ واما السلاح والدواب وما شهدوا به الحرب فقسمه بين المسلمين واما المتاع والعبيد والإماء فإنه حين قدم رده على أهله، وكان مع الخوارج طرفة بن عدي بن حاتم قتل معهم فدفنه أبوه يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ودفن رجال من الناس قتلاهم فقال أمير المؤمنين ع ارتحلوا إذا تقتلونهم ثم تدفنونهم فارتحل الناس اه وقال أمير المؤمنين ع: لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فاصابه.
قال ابن الأثير: ولما فرع علي من أهل النهر حمد الله وأثنى عليه وقال إن الله قد أحسن بكم وأعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم بالشام قالوا يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا وكلت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصدا فارجع بنا إلى مصرنا فلنستعد ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا، وتولى كلامه الأشعث بن قيس فاقبل حتى نزل النخيلة فامر الناس أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا على الجهاد أنفسهم ويقلوا زيارة أبنائهم ونسائهم فاقاموا أياما ثم تسللوا فدخلوا الكوفة وتركوا المعسكر خاليا الا رجالا من وجوه الناس، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير، وخطبهم مرة بعد مرة فقال: أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدوكم ومن في جهاده القربة إلى الله عز وجل ودرك الوسيلة عنده حيارى عن الحق جفاة عن الكتاب فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا، فلم ينفروا، ثم دعا رؤساءهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم فمنهم المعتل ومنهم المتكره وأقلهم من نشط، فخطبهم فقال: عبدا الله ما بالكم إذا أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أ رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وبالذل والهوان من العز خلفا وكلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة لله أنتم ما أنتم الا أسد الشري في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى الباس ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي ما أنتم بركب يصال به لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم انكم تكادون ولا تكيدون وتنتقص أطرافكم وأنتم لا تتحاشون.
الخوارج بعد النهروان قال ابن الأثير: لما قتل أهل النهروان خرج أشرس بن عوف الشيباني على علي بالدسكرة في مائتين ثم سار إلى الأنبار فوجه إليه علي الأبرش بن حسان في ثلثمائة فواقعه فقتل أشرس في ربيع الآخر سنة 38.
ثم خرج هلال بن علفة من تيم الرباب ومعه اخوه مجالد فاتى