غزوة سفوان بفتح السين المهملة والفاء آخره نون ويقال لها غزوة بدر الأولى وكانت في ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهرا من الهجرة ولواؤه مع علي بن أبي طالب وهو لواء أبيض وسببها أن كرز بن جابر الفهري أغار على سرح المدينة فاستاقه فطلبه رسول الله ص حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر ففاته ولذا يقال لها غزوة بدر الأولى فرجع وبعضهم يقول إنها بعد غزوة العشيرة.
غزوة العشيرة أو ذي العشيرة بضم العين المهملة مصغرا موضع لبني مدلج بينبع وكانت في جمادي الآخرة على رأس ستة عشر شهرا من الهجرة خرج في مائة وخمسين رجلا من المهاجرين أو مائتين معهم ثلاثون بعيرا يعتقبونها يريد عير قريش التي صدرت من مكة وكانت ألف بعير فيها خمسون ألف دينار وهي التي كانت بسببها وقعة بدر حين رجعت من الشام ولواؤه مع حمزة بن عبد المطلب وهو أبيض ففاتته العير ولم يلق كيدا ووادع فيها بني مدلج وحلفاءهم ورجع.
غزوة بدر الكبرى ويقال بدر القتال فالكبرى مقابل الصغرى وهي غزوة سفوان المتقدمة وبدر القتال لأن الأولى لم يقع فيها قتال وكانت في رمضان يوم تسعة عشر أو سبعة عشر منه على رأس تسعة عشر شهرا من مهاجره ص وبدر اسم بئر كانت لرجل يدعى بدرا وسببها أن رسول الله ص كان قد عرض لعير قريش التي فيها تجارتهم وهي ذاهبة إلى الشام مع أبي سفيان بن حرب وأصحابه على رأس ستة عشر شهرا من مهاجره ص ففاتته كما مر فلما رجعت العير ندب أصحابه إليها فخف بعضهم وثقل بعضهم فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان والركب ولا يرون إلا أنها غنيمة لهم ولم يظنوا أن رسول الله ص يلقى حربا ولا كيدا وكان في العير أربعون راكبا من قريش وهي أول غزوات رسول الله ص المهمة وبها تمهدت قواعد الدين وأعز الله الاسلام وأذل جبابرة قريش وقتلت فيها رؤساؤهم ووقعت الهيبة من المسلمين في قلوب العرب واليهود وغيرهم وأنزل الله تعالى فيها سورة الأنفال أكثرها وغيرها من السور. فخرج ص في ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا ومعهم فرسان وسبعون بعيرا فكان الرجلان منهم والأكثر يتعاقبان بعيرا واحدا حتى أن النبي ص لم يختص ببعير وحده فكان يتعاقب هو وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد على بعير لمرثد وكان كثير من أصحابه كارهين للخروج خوفا من قريش وكثرتها كما قال تعالى كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين لهم كأنما يساقون إلى الموت ووعد الله تعالى رسوله إحدى الطائفتين العير أو النفير وكانوا يودون العير وأن لا تكون حرب حبا بالعاجل وهو قوله تعالى وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين انها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم وبلغ خروجهم أبا سفيان وأصحابه فارسلوا ضمضم بن عمرو الغفاري يستصرخ قريشا بمكة. ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل مجئ ضمضم بثلاث في منامها راكبا أقبل حتى وقف بالأبطح فصرخ بأعلى صوته يا آل غدر انفروا إلى مصارعكم في ثلاث فصرخ بها ثلاثا فاجتمع الناس إليه ثم دخل المسجد وهم يتبعونه إذ مثل به بعيره على ظهر الكعبة فصرخ مثلها ثلاثا ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها ثلاثا ثم اخذ صخرة من أبي قبيس فارسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت في أسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة إلا دخلته منها فلذة. وبلغ ذلك أبا جهل فقال ما رضيتم يا بني عبد المطلب بان تتنبأ رجالكم حتى تنبأت نساؤكم فلما كان اليوم الثالث والعباس يخاصم أبا جهل في ذلك إذ جاء ضمضم وهو يقول يا معشر قريش يا آل لؤي بن غالب اللطيمة اللطيمة العير العير قد عرض لها محمد في أصحابه الغوث الغوث والله ما أرى أن تدركوها وقد جدع أذني بعيره وشق قميصه قبلا ودبرا وحول رحله وهذه كانت علامة المستصرخ، وشبيهها باق في عرب الحجاز إلى اليوم. فتجهز الناس ومن لم يخرج أرسل رجلا مكانه وأشفقت قريش لرؤيا عاتكة وسر بنو هاشم ولم يخرج أبو لهب معهم وهذا هو العير والنفير الذي يقال فيه فلان لا في العير ولا في النفير وخرجت قريش بالقيان والدفوف في تسعمائة وخمسين أو عشرين مقاتلا وقادوا مائتي فرس وقيل أربعمائة والإبل سبعمائة بعير وبات أبو سفيان من وراء بدر وأرسل رسول الله ص رجلين يتجسسان الأخبار وهما بسبس وعدي فأناخا بعيريهما قريبا من الماء ثم استقيا منه فسمعا جاريتين من جهينة تلزم إحداهما صاحبتها في درهم لها عليها وصاحبتها تقول إنما العير غدا أو بعد غد قد نزلت فقال رجل صدقت فلما سمعا ذلك رجعا إلى النبي ص واخبراه وأصبح أبو سفيان ببدر قد تقدم العير وهو خائف فسال رجلا اسمه مجدي هل أحسست أحدا قال لا إلا اني رأيت راكبين أتيا هذا المكان فأناخا به واستقيا ثم انصرفا فجاء أبو سفيان مناخهما ففت البعر فإذا فيه نوى فقال هذه والله علائف يثرب هذه عيون محمد وأصحابه ما أراهم إلا قريبا فضرب وجه عيره فساحل بها وانطلق سريعا وأقبلت قريش تنزل المناهل وتنحر الجزر وتخلف عتبة واخوه شيبة في الطريق وترددا وهما بالرجوع فحمسهما أبو جهل فمضيا كارهين ورجعت بنو زهرة وبنو عدي بن كعب وأرسل أبو سفيان إلى قريش أن يرجعوا وإلا فليردوا القيان فأراد عتبة الرجوع فأبى أبو جهل وقومه وردوا القيان من الجحفة وكانه أراد برد القيان أن لا يقعوا في أسر المسلمين وبلغه آباؤهم فقال وا قوماه وهذا يدل على وقوع الهيبة من المسلمين في قلبه بما رأى من جرأتهم وبان له من أحوالهم مع أنه لم يسبق لقومه معهم حرب وقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نرد بدرا فنقيم بها ثلاثا ونطعم الطعام ونسقي الخمور وتعزف علينا القيان وننحر الجزور وتسمع العرب بمسيرنا فلا تزال تهابنا. وكانت بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام ولما وصل رسول الله ص قريب بدر أخبر بمسير قريش فأخبر الناس بذلك واستشارهم فنهاه بعض المهاجرين عن المسير وقال إنها قريش وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت وقال المقداد والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم مقاتلون فقال له رسول الله ص خيرا ودعا له ثم قال أشيروا علي وانما يريد الأنصار لظنه انهم لا ينصرونه إلا في الدار لشرطهم أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم فاجابه سعد بن عبادة وسعد بن معاذ عنهم بالسمع والطاعة فقال رسول الله ص سيروا على بركة الله فان الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وعقد رسول الله ص ثلاثة ألوية وبات الفريقان قريبا ولا يعلم أحدهما بالآخر وأرسل رسول الله ص عليا والزبير وجماعة يتجسسون على الماء فوجدوا روايا قريش فيها سقاؤهم فاسروهم وأفلت بعضهم فأخبر قريشا فاستاؤوا وباتوا يتحارسون إلا أبا جهل فانحاز بقومه بدون حرس وجاءوا بالسقاء والنبي ص يصلي فسألوهم