قضيته هو الله الذي لا اله الا هو فقال الأعرابي الله اعلم حيث يجعل رسالته.
ومما جاء عنه في الاحتجاج احتجاجه على محمد بن المنكدر من مشاهير زهاد ذلك العصر وعباده قال المفيد في الارشاد: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد حدثني جدي عن يعقوب بن يزيد حدثنا محمد بن أبي عمير عن عبد الرحمن ابن الحجاج عن أبي عبد الله ع قال إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت ارى ان مثل علي بن الحسين يدع خلفا لفضل علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمد بن علي فأردت ان أعظه فوعظني، خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي وكان رجلا بدينا وهو متكئ على غلامين له فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا والله لأعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي بنهر وقد تصبب عرقا فقلت أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لو جاء الموت وأنت على هذه الحال، فخلى عن الغلامين من يده ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال جاءني وانا في طاعة من طاعات الله اكف بها عن نفسي عنك وعن الناس وانما كنت أخاف الموت لو جاءني وانا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله أردت ان أعظك فوعظتني. ورواه الكليني في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع مثله. أقول معنى قوله أردت ان أعظك فوعظتني ان ابن المنكدر هذا كان من المتصوفة أمثال طاوس اليماني وإبراهيم بن أدهم وغيرهما وكان يصرف أوقاته في العبادة ويترك الكسب فيكون كلا على الناس فأراد ان يعظ الباقر ع بأنه لا ينبغي له ان يخرج في مثل ذلك الوقت في طلب الدنيا فاجابه بان خروجه في طلب المعاش ليكف نفسه عن الناس من أفضل العبادات، كان في هذا الكلام موعظة لابن المنكدر بأنه مخطئ في ترك الكسب والقاء كله على الناس واشتغاله بالعبادة فلهذا قال أردت ان أعظك فوعظتني، ولهذا ورد عن الصادقين ع الامر بالكسب والنهي عن القاء الكل على الناس، وان من يشتغل بالعبادة ويقوم غيره بنفقته فالقائم بنفقته عبادته أقوى وأفضل. وروى الإمام الصادق ع عن النبي ص أنه قال: ملعون ملعون من القى كله على الناس.
واحتجاجه على نافع بن الأزرق من رؤساء الخوارج واليه تنسب الأزارقة منهم. قال المفيد في الارشاد: وجاءت الاخبار ان نافع بن الأزرق جاء إلى محمد بن علي فجلس بين يديه يسأله عن مسائل في الحلال والحرام فقال له أبو جعفر في عرض كلامه: قل لهذه المارقة بم استحللتم فراق أمير المؤمنين وقد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته والقربة إلى الله بنصرته فسيقولون لك انه حكم في دين الله فقل لهم قد حكم الله تعالى في شريعة نبيه ص رجلين من خلقه فقال: فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ان يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما. وحكم رسول الله ص سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم فيهم بما أمضاه الله. أو ما علمتم أن أمير المؤمنين إنما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدياه واشترط رد ما خالف القرآن من أحكام الرجال وقال حين قالوا له حكمت على نفسك من حكم عليك فقال ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت كتاب الله فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن واشترط رد ما خالفه لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان فقال نافع بن الأزرق هذا والله كلام ما مر بسمعي قط ولا خطر مني ببال وهو الحق إن شاء الله.
واحتجاجه على عبد الله بن نافع بن الأزرق من الخوارج روى الكليني في الكافي بسنده ان عبد الله بن نافع بن الأزرق كان يقول: لو أني علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني ان عليا قتل أهل لنهروان وهو لهم غير ظالم لرحلت إليه فقيل له ولا ولده فقال أ في ولده عالم فقيل له هذا أول جهلك وهم يخلون من عالم قال فمن عالمهم اليوم قيل محمد بن علي بن الحسين بن علي فرحل إليه في صناديد أصحابه حتى أتى المدينة فاستأذن على أبي جعفر فقيل له هذا عبد الله بن نافع قال وما يصنع بي وهو يبرأ مني ومن أبي طرفي النهار فقال له أبو بصير الكوفي جعلت فداك إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه يخصمه أن عليا قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه، فقال له أبو جعفر أ تراه جاءني مناظرا؟ قال نعم! قال يا غلام أخرج فحط رحله وقل له إذا كان الغد فائتنا فلما أصبح عبد الله بن نافع غدا في صناديد أصحابه وبعث أبو جعفر إلى جميع أبناء المهاجرين والأنصار فجمعهم ثم خرج إلى الناس واقبل عليهم كأنه فلقة قمر فخطب فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ص ثم قال: الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته واختصنا بولايته يا معشر أبناء المهاجرين والأنصار من كانت عنده منقبة لعلي بن أبي طالب فليقم وليتحدث فقام الناس فسردوا تلك المناقب فقال عبد الله أنا أروي لهذه المناقب من هؤلاء وإنما أحدث علي الكفر بعد تحكيمه الحكمين حتى انتهوا إلى حديث خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فقال أبو جعفر ع ما تقول في هذا الحديث؟ قال هو حق لا شك فيه ولكن أحدث الكفر بعد، فقال له أبو جعفر ثكلتك أمك اخبرني عن الله عز وجل أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم فان قلت لا كفرت، فقال قد علم، قال فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته فقال على أن يعمل بطاعته، فقال له أبو جعفر فقم مخصوما فقام وهو يقول حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر الله اعلم حيث يجعل رسالته.
واحتجاجه على قتادة بن دعامة البصري وقتادة هذا ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب وذكر الثناء عليه في الحفظ والفقه وغيرهما. روى الكليني في الكافي بسنده عن أبي حمزة الثمالي: كنت جالسا في مسجد رسول الله ص إذا أقبل رجل فسلم فقال من أنت عبد الله؟ قلت رجل من أهل الكوفة فما حاجتك؟ قال أ تعرف أبا جعفر محمد بن علي؟ قلت نعم فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق والباطل؟ فقال لي يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون إذا رأيت أبا جعفر فأخبرني فما انقطع كلامه حتى أقبل أبو جعفر وحوله أهل خراسان وغيرهم