بالإرستقراطية العربية وأنهم لم يعاملوهم معاملتهم للعرب ولم يعدلوا بينهم فأيدوا بحكم الطبيعة البشرية ولو سرا عدوهم ولا أعدى لهم من الشيعة.
2 وتشيع قوم من الفرس خاصة لأنهم مرنوا أيام الحكم الفارسي على تعظيم البيت المالك وتقديسه وإن دم الملوك ليس من دم الشعب فلما أسلموا نظروا إلى النبي ص نظرة كسروية ونظروا إلى أهل بيته نظرتهم إلى البيت المالك فإذا مات النبي ص فأحق الناس بالخلافة أهل بيته.
3 واعتنق الاسلام قوم أرادوا الانتقام من الاسلام فتظاهروا بالغلو فيه خديعة ومكرا ومن ضروب الغلو الغلو في التشيع.
وهكذا اعتنق التشيع طوائف مختلفة لأسباب مختلفة.
ونقول: الحق أن هذه الأقوال كلها تخرص غير مصيب وإن كل من دخل في التشيع لم يدخل فيه إلا لمعرفته بفضل من تشيع لهم من أقوال النبي ص المتكررة في حقهم ومن النظر إلى ما اتصفوا به من صفات الكمال وإن كل من حاد عن حب أهل البيت وموالاتهم فهو إما لحسد لحقه أو ضغن في نفسه أو حب للدنيا. ومن هم هؤلاء الموالي الذين تشيعوا بغضا بالإرستقراطية الأموية العربية وكرها لجور بني أمية ولم يكن في العلوية قوة في مقابل الأمويين حتى يلجأوا إليها فيقهروا أعداءهم الأمويين بل هم في مثل هذه الحال أقرب إلى أن يؤيدوا بحكم الطبيعة البشرية ولو مداهنة الأمويين فهذا التعليل تخرص لا يخرج عن أن يكون خيالا وهميا.
ومثله السبب الثاني فالفرس الذين أسلموا علموا من حالة الاسلام والمسلمين أنها ليست على الطريقة الكسروية فهو لا يخرج عن التخرص بالأوهام.
أما السبب الثالث فاظهر وهنا من الأولين وأن تكرر ذكره في كلام كثيرين لكنه هو نسبه إلى قوم وغيره نسبه إلى الفرس فقالوا انهم نصروا التشيع انتقاما من الاسلام. والحق أن ذلك لم يقع من أحد وإن من تشيع لم يتشيع إلا حبا باهل البيت ومعرفة بفضلهم وقد بينا فيما مضى من هذا الجزء في غير موضع سخافة القول بان تشيع الفرس للانتقام من الاسلام فراجع.
والطوائف المختلفة التي تشيعت ما اعتنقت التشيع إلا لسبب واحد وهو تنويه النبي ص والقرآن بفضل أهل البيت وظهور فضلهم، لم يكن لذلك سبب آخر فضلا عن أسباب مختلفة.
وقال (1): يبلغ الامامية الآن نحوا من سبعة ملايين في فارس ونحو مليون ونصف في العراق وخمسة ملايين في الهند.
ونقول: المحقق أنهم في هذه البلاد وغيرها أكثر من ذلك بكثير.
وقال: (2) أهم مسالة يدور عليها كلام الامامية مسالة الامام وسنعتمد في شرح وجهة نظرهم على كتبهم وذلك انصف لهم فننقل خلاصة ما ورد عن الامام في كتاب الكافي للكليني فهو من أوثق كتبهم ثم نقل (3) عن الكافي: كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا ما الفرق بين الرسول والنبي والامام فكتب: الرسول ينزل عليه جبرائيل فيراه ويسمع كلامه. والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص والامام يسمع الكلام ولا يرى الشخص قال فالامام بهذا النص يوحى إليه وإن اختلف طريق الوحي عن النبي والرسول اه.
ونقول: أولا الكافي كتاب أخبار فيه الصحيح والموثق والحسن والضعيف والمقطوع والمجهول والمرسل وغيره من أقسام الحديث سواء أ كان من أوثق الكتب عند الشيعة أم لم يكن وهذا الحديث الذي نقله عنه في سنده إسماعيل بن مرار وهو مهمل لم يذكر في كتب الرجال بمدح ولا قدح والحسن بن العباس المعروفي مجهول فالحديث الذي هذا حاله كيف ينسب للشيعة اعتقاد مضمونه.
ثانيا العقائد تؤخذ من كتب العقائد لا من كتب الأخبار التي فيها الغث والسمين وما يجب أن يعتقد وما لا يجوز أن يعتقد وما يمكن أن يعتقد ويمكن أن لا يعتقد ولو أخذنا العقائد من كتب الأخبار لصدقنا قول من قال: إن النبي يهجر والله تعالى يقول وما ينطق عن الهوى. وما آتاكم الرسول فخذوه. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.
ثالثا قد روى صاحب إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري عن بعض الصحابة أنه قال كنت أحدث أي تحدثه الملائكة حتى اكتويت فلما اكتويت انقطع عني ذلك. وذكر ابن خلدون في مقدمته أن النبي ص قال أن فيكم محدثين وهذا نظير ما في تلك الرواية الذي استنكره صاحب الضحى.
ثم نقل (4) عن الكافي اخبارا جعلها ميزانا لعقيدة الشيعة في الامام لأنها مستمدة من أوثق كتبهم الكافي ومعتمدة على ما روي من أقوال الأئمة أنفسهم.
ونقول: من المعلوم الواضح عند الشيعة وغيرهم أن العقائد يلزم فيها القطع واليقين بالدليل والبرهان ولا يكفي فيها الظن ولا يجوز فيها التقليد كما صرحت به كتب الكلام وهذه الأخبار المنقولة في الكافي هي أخبار آحاد وربما كان فيها الضعيف المقدوح في أحد رواته بالذم أو الجهالة أو غيرهما والمرسل أو المعارض بدليل أقوى منه سمعي أو عقلي فمجرد وجودها في الكافي لا يدل على اعتقاد الشيعة بمضامينها سواء أ كان الكافي من أوثق كتبهم أم لم يكن ولم يثبت بمجرد روايتها عن الأئمة أنها أقوال الأئمة حتى تكون متواترة عنهم وأين التواتر. والآحاد على فرض صحة السند لا تفيد إلا الظن وإنما تؤخذ عقائد الشيعة في الامام من كتبهم في الكلام بل ومن كتب السنيين أنفسهم الكلامية التي نقلوا فيها أقوال الشيعة مثل عقائد النسفي وشرح المواقف المطبوعين وغيرهما.
ومما جعله (5) من الفوارق بين الامام في نظر السنيين وبينه في نظر الشيعة أنه في نظر السنيين شخص عادي وليس له سلطة روحية إنما هو منفذ للقانون الاسلامي وليس له أن يشرع إلا في حدود القوانين الاسلامية