بجميع ما يتعلق بها وكذا ما حكاه صاحب السيرة الحلبية فيما مر عند ذكر أدلة إمامته فاغنى عن ذكر ذلك هنا.
حديث الإفك ومرت الإشارة إليه في الجزء الثاني ونذكره هنا لارتباط أمور منه بسيرة أمير المؤمنين ع. وقع في هذه الغزاة حديث الإفك وحاصله ان عائشة أم المؤمنين كانت مع النبي ص في هذه الغزاة فلما رجع وقارب المدينة نادوا ليلة بالرحيل فخرجت عائشة خارج الجيش لقضاء حاجة فلما عادت رأت عقدها قد انقطع فعادت تطلبه فوجدته واقبل الذين كانوا يرحلونها فاحتملوا الهودج وهم يظنونها فيه لأنها كانت صغيرة السن خفيفة اللحم وساروا ورجعت فوجدت الجيش قد رحل فجلست مكانها ليرجعوا إليها إذا فقدوها وغلبتها عينها فنامت وكان صفوان بن المعطل السلمي الذكواني من وراء الجيش فجاء فرآها فاسترجع فأفاقت وأناخ راحلته فركبتها وسار يقود بها الراحلة حتى اتوا الجيش عند الظهر وهم نزول فأول من أشاع حديث الإفك عبد الله بن أبي بن سلول وممن أشاعه حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وغيرهم وبلغ ذلك رسول الله ص وبلغ ذلك عائشة من أم مسطح لما كانت معها ليلا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فلامتها عائشة فقالت لها أ لم تسمعي ما قال وأخبرتها قال دحلان في سيرته: ودعا رسول الله ص علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد لما أبطأ عليه الوحي فاستشارهما في فراق أهله فاما أسامة فقال هم أهلك ولا نعلم الا خيرا وأما علي فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك فسال جاريتها بريرة فحلفت انها ما رأت عليها أمرا معيبا قط فقال رسول الله ص على المنبر من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاي في أهلي يعني عبد الله بن أبي وقد ذكروا رجلا يعني صفوان ما علمت عليه الا خيرا وما يدخل على أهلي الا معي. وكادت ان تقع بين الأوس والخزرج فتنة بسبب عبد الله بن أبي فرقة تطلب ان يؤمروا بقتله وفرقة تدافع عنه فأسكتهم النبي ص ثم نزل عليه الوحي ببراءتها بقوله تعالى ان الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم الآيات العشر وأقيم الحد على من قذفها كحسان ومسطح وغيرهما لكنهم لم يذكروا انه أقيم على عبد الله بن أبي.
وفيما اوردوه في هذا الحديث مواقع للنظر أولا استشارته عليا وأسامة في فراق أهله لا يقبله عقل وكيف يفارقها لقول منافق كابن أبي ومن تابعه ولم يستندوا إلى برهان بل كيف يخطر بباله مفارقتها قبل ان يثبت عليها شئ وذلك يؤيد تحققه الأمر فيلصق العار به وباهله هذا لا يمكن ان يقع من غبي فكيف بأكمل خلق الله وكيف يشير عليه علي بذلك وهو غش لا يمكن ان يخفى على من دون علي في الذكاء والفطنة والذي يلوح ان أعداء علي هم الذين اختلقوا هذا ليلصقوا به ما لا يليق نعم الظاهر أنه لما سمع ذلك عن لسان ابن أبي صعد المنبر وشكاه ثانيا كيف يقول له سل الجارية تصدقك وكيف يسألها الرسول ص وهذا بحث عن المعائب ومحبة لشيوع الفاحشة لا يجوز من أي مسلم كان فضلا عن النبي ص ولو تبرع أحد بهذا الاخبار ولم يقم الميزان الشرعي عليه لوجب عليه الحد فكيف يحمل النبي ص الجارية على أن تتكلم بما يوجب عليها الحد وهو لو اعترف له شخص بذلك يعرض له بالانكار والرجوع عن هذا الاقرار حتى يعترف بذلك ثلاثا ثالثا هب ان الجارية أخبرته بشئ هل كان له أن يصدقها كلا بل كان عليه ان يقيم عليها حد القذف ما لم تقم الميزان الشرعي فأي فائدة في هذا السؤال كل هذا يدلنا على أن ارادته تطليق زوجته واستشارته في ذلك أمر مكذوب وانه لم يقع منه غير الشكوى على المنبر ممن آذاه في أهله. وزاد صاحب السيرة الحلبية نغمة في هذا الطنبور فروى أنه استشار عمر فقال له من زوجها لك يا رسول الله قال الله تعالى. قال أ فتظن ان الله دلس عليك فيها فلو صح هذا الخبر لكان عمر يصل بعلمه إلى ما لا يصل إليه الرسول ص ويهتدي إلى ما لا يهتدي وقد زاد في الطنبور نغمات أيضا قوله وفي لفظه فدعا رسول الله ص بريرة فسألها فقام إليها علي فضربها ضربا شديدا وجعل يقول لها اصدقي رسول الله فتقول والله ما اعلم الا خيرا قال وضربها كما قال السهيلي ولم تستوجب ضربا ولا استأذن رسول الله ص في ضربها لأنه اتهمها في أنها خانت الله ورسوله فكتمت من الحديث ما لا يسعها كتمه اه والعجب ممن يودعون أمثال هذه الأحاديث في كتبهم ولها منها شواهد على كذبها فعلي الذي يقول والله لو أعطيت الأقاليم السبع بما تحت أفلاكها على أن اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة ما فعلت كيف يمكن ان يضرب جارية بغير حق ليحملها على الكذب والشهادة بما لم تر وكيف يمكن ان يضربها بغير إذن النبي ص بمحضر منه ومن اعرف منه بحقه وأحق بتعظيمه وكيف يمكنه النبي من ضربها بغير حق أ ليس هذا قدحا في النبي قبل ان يكون قدحا في علي وإن كان ضربها ضربا شديدا فلا بد ان يكون متكررا فكيف لم يمنعه النبي منه وسكت عنه بل لم يؤنبه على الأقل فمختلق هذا الحديث ليعيب عليا قد خانته فطنته ولم يلتفت إلى أنه يؤدي إلى عيب النبي ص ونسبة الظلم إليه وأبرد من ذلك تعليل السهيلي فإنه اتهمها في أنها خانت الله ورسوله فهل يسوع في الشرع العقاب بمجرد التهمة. وهنا استغل اخصام الشيعة سوق الأكاذيب فروجوها. قال صاحب السيرة الحلبية: فمن نسبها إلى الزنا كغلاة الرافضة كان كافرا وحكى مثله دحلان في سيرته عن السهيلي ثم قال حضر بعض الشيعة مجلس الحسن بن زيد الداعي (1) وكان من عظماء أهل طبرستان فنسب الشيعي إلى عائشة شيئا من القبيح فامر بضرب عنقه فاعترضه بعض العلوية وقال هذا من شيعتنا فقال معاذ الله هذا طعن على رسول الله ص ونقول ليس في غلاة الشيعة ولا معتدليهم من ينسب عائشة إلى ذلك كبرت كلمة تخرج من أفواه هؤلاء المفترين وإن كانوا صادقين فيما يقولون فليأتونا باسم من يقول ذلك وفي أي موضع وجدوه أم في أي كتاب رأوه كلا انهم لكاذبون مفترون ظالمون مفسدون لا حجة لهم على ما قالوا ولا برهان وما حملهم على ذلك الا العداوة والعصبية بالباطل ورقة الدين وهكذا ما حكاه دحلان عن الحسن ابن زيد الداعي كذب وبهتان لأنا نعلم علما يقينا انه ليس في الشيعة من ينسب أم المؤمنين عائشة إلى القبيح وإن من عقيدتهم ان زوجة النبي يجوز أن تكون كافرة كامرأتي نوح ولوط ولا يجوز أن تكون زانية لأن ذلك يخل بمقام النبوة. وإنما يقولون ولا يتحاشون بأنها أخطأت بخروجها على الإمام العادل وحربها له ومخالفتها أمر القرآن لها ان تقر في بيتها. والذي طعن على رسول الله هو من روى أن عليا ضرب الجارية أمامه بغير حق و سكت كما مر.
اخباره في وقعة الخندق وكانت في ذي القعدة أو شوال سنة خمس من الهجرة بعد غزوة أحد بسنتين ومرت مفصلة في الجزء الثاني ونعيد منها هنا ما له تعلق بسيرة أمير المؤمنين علي ع وإن لزم بعض التكرار وسببها انه لما أجلي رسول