الاسلامي منها برئ إننا إذا رجعنا إلى مبدأ الدعوة الاسلامية التي قام بها نبينا محمد ص وجدنا أنه كان يقبل في الاسلام إظهار الشهادتين والالتزام بالصلاة والصيام وسائر ضروريات الاسلام بل كان يقبل ذلك من قوم أظهروا الشهادتين والسيف على رؤوسهم فقبله من المغيرة بن شعبة وقد قتل رجلا بمكة وهرب إلى النبي ص وأظهر الاسلام وقبله من مسلمة الفتح وقد أسلموا والجيش الاسلامي متسلط عليهم مع عدم قدرتهم على المقاومة وعلمهم بأنهم إن لم يسلموا قتلوا وقتل رجل من أصحابه في بعض الحروب مشركا أظهر الاسلام فلامه على ذلك فاعتذر بأنه إنما أظهره والسيف على رأسه فقال له ما معناه: هلا شققت عن قلبه، والحاصل أن الاكتفاء باظهار الشهادتين والالتزام بضروريات الدين مما لا ريب فيه، وبهذه المساهلة ظهر الاسلام وانتشر. ولم نجد في الآثار والأخبار ولا في متن الدين وحواشيه أنه ص كان يشترط في الاسلام الاعتقاد في أصحابه ودرجات فضلهم ومنزلتهم والاعتقاد بخلق القرآن وعدم خلقه وبالكلام النفسي وخلق الأفعال ورؤية الباري تعالى يوم القيامة وعينية الصفات وعدمها وغير ذلك أو أن النبي ص أخرج أحدا من ربقة الاسلام بسبب شئ من ذلك ولو كان لنقل لتوفر الدواعي إليه وإنما هذا شئ حدث بعد ذلك في الدولتين الأموية والعباسية وكان الباعث عليه السياسة لا غير، والأخبار التي تروى في هذا الباب وضعها من لا حريجة له في الدين تقربا إلى الملوك والأمراء وتلقاها بالقبول من لم يعلم حقيقتها أو حمله رسوخ التقليد في نفسه على عدم انعام النظر في صحتها وبطلانها.
وإذا وصلنا إلى هنا فلننظر ولندقق في عقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية.
خلاصة عقيدة الشيعة الجعفرية الاثني عشرية الشيعة الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية يشهدون أن لا إله إلا الله وأنه واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد وإنه متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع صفات النقص وإنه ليس كمثله شئ وإن محمدا رسول الله ص جاء بالحق من عنده وصدق المرسلين. ويوجبون معرفة ذلك بالدليل والبرهان ولا يكتفون بالتقليد. ويؤمنون بجميع أنبياء الله ورسله وبجميع ما جاء به من عند ربه. أ فهؤلاء أقل في إسلامهم وإيمانهم من المغيرة بن شعبة الذي أسلم خوفا من القتل وممن أسلم والسيف على رأسه؟ ويقولون أن عليا وولده الأحد عشر أحق الخلافة من كل أحد وأنهم أفضل الخلق بعد رسول الله ص وإن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، فان كانوا مصيبين في ذلك وإلا لم يوجب قولهم هذا كفرا ولا فسقا لا سيما أن إمامة شخص بعينه ليست من أصول الاسلام بالاتفاق من الشيعة وغيرهم أما غيرهم فواضح لأنهم لا يوجبون إمامة شخص بعينه وإنما يوجبون أصل الإمامة ويحصرونها في قريش وأما الشيعة فإنهم وأن أوجبوا إمامة الأئمة الاثني عشر لكن منكر إمامتهم عندهم ليس بخارج عن الاسلام وتجري عليه جميع أحكامه.
ويقولون بوجوب أخذ أحكام الدين من كتاب الله بعد معرفة ناسخه من منسوخه وعامه من خاصه ومطلقه من مقيده ومحكمه من متشابهه وما ثبت من سنة رسول الله ص بالتواتر أو رواية الثقات ومذاهب الأئمة الاثني عشر أو أقوال المجتهدين الثقات الأحياء، وهذا على فرض خطئهم فيه لا يوجب الخروج عن الاسلام، ويقولون بعصمة الأئمة الاثني عشر وسواء أخطأوا في ذلك أم أصابوا فهو لا يوجب كفرا ولا خروجا عن الاسلام.
ويقولون أن كل من شك في وجود الباري تعالى أو وحدانيته أو في نبوة النبي ص أو جعل له شريكا في النبوة فهو خارج عن دين الاسلام وكل من غالى في أحد من الناس من أهل البيت أو غيرهم وأخرجه عن درجة العبودية لله تعالى أو أثبت له نبوة أو مشاركة فيها أو شيئا من صفات الإلهية فهو خارج عن ربقة الاسلام. ويبرأون من جميع الغلاة والمفوضة وأمثالهم.
وعمدة ما ينقمه غير الشيعة عليهم دعوى القدح في السلف أو أحد ممن يطلق عليه اسم الصحابي. والشيعة يقولون أن احترام أصحاب نبينا ص من احترام نبينا فنحن نحترمهم جميعا لاحترامه وذلك لا يمنعنا من القول بتفاوت درجاتهم وأن عليا ع أحق بالخلافة من جميعهم وأن بعضهم قد أخطأ:
وأنتم تقولون: أن بعضهم وإن شهر السيف في وجه البعض وقتل بعضهم بعضا وسب بعضهم بعضا وبغى بعضهم على بعض، فكلهم مجتهدون معذورون والقاتل والمقتول والظالم والمظلوم والباغي والمبغي عليه كلهم في الجنة وللمصيب منهم اجران وللمخطئ أجر واحد. ونحن نقول: أمرهم إلى ربهم العالم بسرهم وجهرهم، وعلينا أن نحترمهم احتراما لنبينا ص وليسعنا من العذر في قولنا بتفاوت درجاتهم وتقديمنا عليا عليهم في استحقاق الخلافة ما وسعهم من العذر في شهر بعضهم السيف في وجوه بعض وقتل بعضهم بعضا وسب بعضهم بعضا وبغي بعضهم على بعض، وإذا ساع لهم الاجتهاد في ذلك ساع لنا، فاحكام الله في الناس واحدة وشرائعه عادلة ورحمته واسعة تسع الجميع ولا تسع قوما وتضيق عن آخرين فان أصبنا فيما قلناه فلنا أجران وإن أخطأنا فلنا أجر واحد والمخطئ والمصيب منا ومنكم في الجنة، ولا يسوع في قانون العدل وأحكام العقل أن يفتح الله باب الاجتهاد للسلف على مصراعيه يستحلون به سفك الدماء وقتل النفوس ونهب الأموال ويكونون بذلك مأجورين ويغلقه في وجوه غيرهم فلا يفتح لهم منه ولو مثل سم الخياط، إن هذا مناف لعدله وشمول فضله وإنه ليس لأحد عنده هوادة.
فبأن إنه لا مساع لتضليل الشيعة وإخراجهم عن ربقة الاسلام من هذه الجهة وهي أهم ما في الباب إلا إذا تمسكنا بذيل التقليد للآباء والأجداد وعرفنا الأقوال بالرجال وهذا مما نهانا عنه الله ورسوله وعقولنا.
وتعتقد الشيعة بالبعث والحساب والجنة والنار والصراط والميزان وكل ما أخبر به الصادق الأمين ص أما فروع الدين وواجباته ومحرماته التي هي من الضروريات فكلنا فيها شرع سواء وكلنا نؤمن بكتاب واحد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ونصلي مستقبلين الكعبة ونقول بوجوب خمس صلوات باعداد ركعاتها: الظهر وتقوم مقامها الجمعة إذا صليت صحيحة جامعة للشرائط والعصر والمغرب والعشاء والصبح، وبوجوب الوضوء لها والغسل من الجنابة والنفاس والحيض ويقوم مقامهما التيمم عند عدم وجود الماء وبوجوب الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا وبوجوب الزكاة بشروطها المقررة وبوجوب صوم شهر رمضان ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، إلى غير ذلك من الواجبات والمحرمات الثابتة بضرورة الدين. وتقول الشيعة بوجوب الزكاة في الأنعام الثلاث الإبل والبقر والغنم وفي النقدين الذهب