شيئا قط فنسيته واني لأسمع صوت النائحة فاسد أذني كراهة ان احفظ ما تقول لا يمكن ان ينسى مثل هذه الوصية وهي كلمات معدودة (1) كما لا يمكن ان يترك نقلها عمدا فيشبه ان يكون تناساها أو تناستها الرواة خوفا من نقل ما اشتملت عليه ولو سلمنا ان الساكت ابن عباس والناسي ابن جبير أو إن الساكت ابن جبير والناسي سليمان فليس ذلك مما ينساه ابن جبير أو يتهاون به ولا سليمان ويظهر الوجه في تناسيه المعبر عنه بالنسيان أو السكوت عنه مما مر.
ايصاؤه إلى علي ع ودفعه موجوداته إليه قال المفيد في تتمة كلامه السابق: فنهضوا وبقي عنده العباس وعلي بن أبي طالب وأهل بيته خاصة فقال له العباس يا رسول الله ان يكن هذا الأمر فينا مستقرا من بعدك فبشرنا وان كنت تعلم انا نغلب عليه فاوص بنا فقال أنتم المستضعفون من بعدي واصمت فنهض القوم وهم يبكون قد يئسوا من النبي ص فلما خرجوا من عنده قال ردوا علي أخي علي بن أبي طالب وعمي فانفذوا من دعاهما فحضرا فقال يا عم رسول الله تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي ديني قال العباس يا رسول الله عمك شيخ كبير ذو عيال كثيرة وأنت تباري الريح سخاء وكرما وعليك وعد لا ينهض به عمك فاقبل على علي بن أبي طالب فقال يا أخي تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي ديني وتقوم بأمر أهلي من بعدي فقال نعم يا رسول الله فقال ادن مني فدنا منه فضمه إليه ثم نزع خاتمه من يده فقال خذ هذا فضعه في يدك ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته فدفع إليه ذلك والتمس عصابة كان يشدها على بطنه إذا لبس سلاحه وخرج إلى الحرب فجئ بها إليه فدفعها إلى أمير المؤمنين ع وقال له امضى على اسم الله إلى منزلك فلما كان من الغد حجب الناس عنه وثقل في مرضه اه.
أقرب الناس عهدا به علي ما يروى من أنه توفي ورأسه في حجر عائشة فمع معارضته بغيره مما هو أصح وأكثر لا يمكن ان يصح في نفسه فان مثل ذلك لم تجر عادة ان تتولاه النساء مع ما فيهن من الضعف والجزع ولا يمكن ان يغيب عنه علي في مثل تلك الحال ويوكله إلى النساء. والباعث على ذكر مثل ذلك معروف وروى ابن سعد عدة روايات في أنه ص توفي في حجر علي بن أبي طالب وآخرها ما رواه بسنده عن أبي غطفان عن ابن عباس قال توفي رسول الله وهو مستند إلى صدر علي قلت فان عروة حدثني عن عائشة انها قالت توفي رسول الله بين سحري ونحري فقال ابن عباس أ تعقل والله لتوفي رسول الله ص وانه لمستند إلى صدر علي وهو الذي غسله وأخي الفضل وأبى أبي ان يحضر الحديث. وروى الحاكم في المستدرك وصححه بسنده عن أحمد بن حنبل بسنده عن أم سلمة قالت والذي احلف به إن كان علي لأقرب الناس عهدا برسول الله ص عدنا رسول الله ص غداة وهو يقول جاء علي جاء علي مرارا فقالت فاطمة كأنك بعثته في حاجة فجاء بعد قالت أم سلمة فظننت ان له إليه حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت من أدناهم إلى الباب فأكب عليه رسول الله ص وجعل يساره ويناجيه ثم قبض من يومه ذلك فكان علي أقرب الناس عهدا به اه.
تغسيل علي ع النبي ص وتحنيطه له وتكفينه روى ابن سعد في الطبقات انه غسل رسول الله ص علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وأسامة بن زيد وفي رواية كان علي يغسله والفضل وأسامة يحجبانه. وفي رواية كان علي يغسله والفضل محتضنه وأسامة يختلف. وفي رواية غسله علي يدخل يده تحت القميص والفضل يمسك الثوب عليه وعلى يد علي خرقة إلى غير ذلك من الروايات التي اوردها ابن سعد. ويمكن الجمع بان الذي تولى غسله وباشره علي وحده وكان الفضل وأسامة يساعدانه فتارة يحجبانه بان يمسكا بطرفي ثوب ويحجبانه عن الناس وتارة كان الفضل يحتضنه وأسامة يختلف في نقل الماء وغيره وتارة كان الفضل وأسامة كلاهما يناولان عليا الماء.
أول من صلى عليه علي قال المفيد: فلما فرع علي من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده لم يشركه معه أحد في الصلاة عليه وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه وأين يدفن فخرج إليهم أمير المؤمنين ع وقال لهم ان رسول الله امامنا حيا وميتا فيدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير امام وينصرفون. قال ابن عبد البر في الاستيعاب صلى عليه علي والعباس وبنو هاشم ثم المهاجرون ثم الأنصار.
دفن علي له ومعه أربعة قال المفيد: ودخل أمير المؤمنين والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس وأسامة بن زيد ليتولوا دفن رسول الله ص فنادت الأنصار من وراء البيت يا علي انا نذكرك الله وحقنا اليوم من رسول الله ان يذهب ادخل منا رجلا يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله فقال ليدخل أوس بن خولي وكان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج فلما دخل قال علي انزل القبر فنزل ووضع أمير المؤمنين ع رسول الله ص على يديه ودلاه في حفرته فلما حصل في الأرض قال له اخرج فخرج ونزل علي القبر فكشف عن وجه رسول الله ص ووضع خده على الأرض موجها إلى القبلة على يمينه ثم وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب (2) وربع قبره وجعل عليه لبنا ورفعه من الأرض قدر شبر اه وروى ابن سعد في الطبقات انه رش على قبره الماء.
ما يتعلق به من خبر السقيفة لما توفي النبي ص كان علي وسائر بني هاشم ومعهم قليل من غيرهم مشغولين بجهاز النبي ص ودفنه. قال المفيد: ولم يحضر دفنه أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة وفات أكثرهم