الارشاد: كانت بيعته يوم الجمعة 21 رمضان سنة 40 قال أبو الفرج: ثم نزل من المنبر فرتب العمال وأمر الامراء ونظر في الأمور وانفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة قال: وكان أول شئ أحدثه الحسن بن علي ع أنه زاد المقاتلة مائة مائة وقد كان علي ع أبوه فعل ذلك يوم الجمل والحسن ع فعله على حال الاستخلاف فتبعه الخلفاء من بعد ذلك.
قال المفيد: فلما بلغ معاوية وفاة أمير المؤمنين ع وبيعة الناس ابنه الحسن ع دس رجلا من حمير إلى الكوفة ورجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار ويفسدا على الحسن الأمور فعرف ذلك الحسن فامر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فاخرج وأمر بضرب عنقه وكتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فاخرج وضربت عنقه.
المكاتبة بين الحسن وابن عباس ومعاوية وكتب الحسن إلى معاوية أما بعد فإنك دسست إلي الرجال كأنك تحب اللقاء لا أشك في ذلك فتوقعه إن شاء الله وبلغني انك شمت بما لم يشمت به ذو الحجى وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول:
- فانا ومن قد مات منا لكالذي * يروح فيمسي في المبيت ليغتدي - - فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى * تجهز لأخرى مثلها فكان قد - فاجابه معاوية: أما بعد فقد وصل كتابك وفهمت ما ذكرت فيه ولقد علمت بما حدث فلم أفرح ولم أحزن ولم أشمت ولم آس وان عليا أباك لكما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
- وأنت الجواد وأنت الذي * إذا ما القلوب ملأن الصدورا - - جدير بطعنة يوم اللقاء * يضرب منها النساء النحورا - - وما مزبد من خليخ البحار * يعلو الآكام ويعلو الجسورا - - بأجود منه بما عنده * يعطي الألوف ويعطي البدورا - قال أبو الفرج وكتب عبد الله بن العباس من البصرة إلى معاوية:
اما بعد فإنك ودسك أخا بني القين إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش بمثل ما ظفرت به من يمانيتك لكما قال أمية يعني ابن الأشكر:
- لعمرك اني والخزاعي طارقا * كنعجة غار حتفها تتحفز - - أثارت عليها شفرة بكراعها * فظلت بها من آخر الليل تنحر - - شمت بقوم من صديقك هلكوا * أصابهم يوم من الدهر اصفر - فاجابه معاوية: اما بعد فان الحسن كتب إلي بنحو ما كتبت به وإنك لم تصب مثلكم ومثلي ولكن مثلنا ما قاله طارق الخزاعي يجيب أمية عن هذا الشعر:
- فوالله ما أدري واني لصادق * إلى اي من يضطنني أتعذر - - أعنف إن كانت زنيبة أهلكت * ونال بني لحيان شر ونفروا - وروى المدائني ان ابن عباس كتب إلى الحسن: أما بعد فان المسلمين لوك أمرهم بعد علي ع فشمر للحرب وجاهد عدوك وقارب أصحابك وهو كتاب طويل وهذا وكتابه السابق إلى معاوية يدل على وجوده بالبصرة كما أن ما تقدم في خبر البيعة للحسن ع يدل على أنه كان حين وفاة أمير المؤمنين ع في الكوفة وكل ذلك ينافي ما روي أنه حمل مال البصرة وذهب إلى مكة وخالف عليا ع وباعده فاما أن خبر مفارقته غير صحيح وإما أنه رجع إلى أمير المؤمنين ع.
قال أبو الفرج: وكتب الحسن بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان مع جندب بن عبد الله الأزدي وقال المدائني أنه أرسل معه أيضا الحارث بن سويد التيمي تيم الرباب: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليك فاني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فان الله جل وعز بعث محمدا ص رحمة للعالمين فبلغ رسالات الله حتى توفاه الله غير مقصر ولا وان حتى أظهر الله به الحق ومحق الشرك وأعز به العرب عامة وشرف به قريشا خاصة فقال تعالى وانه لذكر لك ولقومك فلما توفي ص تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش نحن قبيلته وأسرته فرأت العرب ان القول كما قالت قريش ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها فلما صرنا أهل بيت محمد ص وأولياءه إلى محاجتهم وطلب النصف منهم باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزا يتلمسونه به واليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف ولا أثر في الاسلام محمود وأنت ابن حزب من الأحزاب وابن اعدى قريش لرسول الله ص وسترد فتعلم لمن عقبى الدار أن عليا رضوان الله عليه لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض ويوم من الله عليه بالاسلام ويوم يبعث حيا ولاني المسلمون الأمر بعده وإنما حملني على هذا الكتاب الاعذار فيما بيني وبين الله في أمرك ولك في ذلك إن فعلت الحظ الجسيم وللمسلمين فيه صلاح فدع التمادي في الباطل وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم إني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ ودع البغي واحقن دماء المسلمين وإن أنت أبيت الا التمادي في غيك نهدت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. قال المدائني فقدما على معاوية فدعواه إلى بيعة الحسن فلم يجب إلى ذلك.
قال أبو الفرج: فكتب إليه معاوية من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي سلام عليك فاني احمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت به رسول الله ص من الفضل وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله وذكرت تنازع المسلمين الأمر من بعده فرأيتك صرحت بتهمة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وأبي عبيدة الأمين وحواري رسول الله ص وصلحاء المهاجرين والأنصار فكرهت ذلك لك فإنك امرؤ عندنا وعند الناس غير ضنين وأنا أحب لك القول السديد والذكر الجميل إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ولا قرابتكم من نبيكم ولا مكانكم من الاسلام فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها ورأى صلحاء الناس أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها سلما وأعلمها بالله وأقواها على أمر الله فاختاروا أبا بكر فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة ولو رأى المسلمون فيكم من يغني غناءه ما عدلوا إلى غيره وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها وأبو بكر بعد النبي ص ولو علمت أنك اضبط مني للرعية وأقوى على جمع الأموال وأكيد للعدو لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ولكن قد علمت إني أطول منك ولاية وأقدم تجربة وأكثر سياسية وأكبر سنا فادخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي ولك