قال: (1) فكما وضع الأمويون الحديث في فضائل الصحابة ما عدا عليا والهاشميين وخاصة عثمان وضع الشيعة أحاديث كثيرة في فضائل علي وفي المهدي المنتظر فاشتغل بعض علمائهم بعلم الحديث وسمعوا الثقات وحفظوا الأسانيد الصحيحة ثم وضعوا بهذه الأسانيد أحاديث تتفق مذهبهم وأضلوا بهذه الأحاديث كثيرا من العلماء لانخداعهم بالاسناد.
ونقول: إن عليا ع غني بفضائله المتواترة الظاهرة ظهور الشمس الضاحية التي أخفاها أعداؤه حسدا وأولياؤه خوفا وظهر من بين ذين ما ملأ الخافقين فلا يحتاج شيعته أن يضعوا أحاديث في فضله بل هم كانوا في عصر بني أمية بل وغيرهم لا يجسرون أن يرووا فضائله الثابتة فضلا عن أن يضعوا له فضائل وإنما يحتاج إلى وضع الأحاديث الفقير في الفضائل. وأما المهدي المنتظر فلا يختص بالشيعة حتى يضعوا فيه الأحاديث وقد روى أحاديثه الفريقان اللذان اتفقا على وجوده ولم يختلفا الا في تقدم وجوده وتأخره ولم يشتغل بعض علمائهم فقط بعلم الحديث بل أكثر المسلمين اشتغلوا به في كل عصر وزمان من الصدر الأول إلى اليوم وألفوا فيه المؤلفات الجمة، وما في كتبهم من الأحاديث يزيد على ما في الصحاح الستة وبحثوا عن الجرح والتعديل وألفوا فيه من أول يوم وجد التأليف فيه في الاسلام وبحثوا في علم دراية الحديث وألفوا فيه بل هم أول من ألف فيه كما ستعرف عند الكلام على المؤلفين فيه، وأما قوله وسمعوا الثقات إلى قوله بالاسناد فمما يضحك الثكلى أولا إن مذهبهم الاسلام وولاية أهل البيت الطاهر وتقديمهم والأخذ عند اختلاف المسلمين بأقوالهم أ فهذا يحتاج إلى وضع أحاديث تتفق مذهبهم فالاسلام براهينه جلية وفضل أهل البيت على سواهم لا يحتاج أن يتكلف فيه سوى مراجعة ما رواه من تسموا باهل السنة وقالوه في حقهم.
ولزوم الأخذ عنهم عند الاختلاف لا يحتاج إلا إلى النظر في أنهم ان لم يكونوا أقرب إلى الصواب لأخذهم عن آبائهم عن جدهم فليسوا دون غيرهم فما هو المحوج لهم إلى وضع الأحاديث لتأييد مذهبهم وإنما يحتاج لذلك من حكم بعدالة مئات الألوف ممن يسمى بالصحابة مع ظهور أشياء من البعض تنافي ذلك ومن يزعم أن اختلاف الأمة رحمة ويلزمه أن يكون اتفاقها عذابا ومن يزعم أنه يرى الله بعيني رأسه بلا كيف. ومن يزعم أن الله يجبر العبد على الفعل ويعاقبه عليه وغير ذلك.
ثانيا هذه الأسانيد الصحيحة التي وضعوا بها الأحاديث عمن تلقاها هؤلاء العلماء الكثيرون الذين انخدعوا بها؟ لا بد أن يكونوا أخذوها من الشيعة وهم كثيرا ما قدحوا في الراوي بالتشيع فكيف انخدعوا بها؟.
ثالثا هذا الرجل مقلد لأقوال المتعصبين على الشيعة وليس هو من أهل هذا الشأن فليدلنا من قلدهم على حديث واحد وضعه الشيعة على اسناد صحيح رجاله من غيرهم وانخدع به كثير من العلماء. ما هو إلا التحامل بالباطل واختلاق العيوب لمن لا يجدون فيه عيبا.
رابعا الشيعة أبعد الناس عن الاختلاق والوضع، ورثوا الصدق والأمانة من أئمتهم الذين اشتهروا بذلك لا من وضعوا أربعين أو سبعين شاهدا يشهدون كذبا لأم المؤمنين أن هذا ليس ماء الحواب.
قال: (2) بل كان منهم من سمي بالسدي وابن قتيبة فكانوا يروون عنهما فيظن أهل السنة أنهما المحدثان الشهيران مع أن كلا منهما الذي ينقل عنه الشيعة إنما هو رافضي غال وقد ميزوا بينهما بالسدي الكبير والسدي الصغير والأول ثقة والثاني شيعي وضاع وكذلك ابن قتيبة الشيعي غير عبد الله بن مسلم بن قتيبة.
ونقول: السدي الكبير إسماعيل بن عبد الرحمن شيعي والصغير محمد بن مروان الظاهر أنه ليس بشيعي كما يأتي في طبقات المفسرين من هذا الجزء وهو قد عكس وابن قتيبة علي بن محمد النيشابوري من فضلاء الشيعة والحكم بأنه وضاع جزاف من القول شأن من لا يبالي ما يقول وعبد الله بن مسلم هو صاحب المعارف والإمامة والسياسة. وإذا كان كل من السدي وابن قتيبة اثنين أحدهما شيعي والآخر يسمى سنيا فما أدري ما ذنب الشيعة في ذلك؟!.
قال: (3) بل وضعوا الكتب وحشوها بتعاليمهم ونسبوها لأئمة أهل السنة ككتاب سر العارفين الذي نسبوه للغزالي.
ونقول: الكتاب المنسوب إلى الغزالي اسمه سر العالمين لا سر العارفين فمن عدم معرفته باسمه يعرف مبلغ تثبته في الأمر، ومن أين عرف ان كتاب سر العالمين ليس للغزالي وإنهم حشوه بتعاليمهم ونسبوه إليه فهل شافه الغزالي وأخبره أن الكتاب ليس له أو نزل عليه وحي بذلك؟ ما هذا إلا تخرص وسوء ظن نهى الله عنه وتهجم على القدح بغير مسوع ويمكن أن يكون الغزالي اثنين أحدهما صاحب الإحياء والآخر صاحب سر العالمين. والشيعة ليست بحاجة إلى أن تنتصر بالغزالي فتضع كتابا على لسانه فلديها من الحجج والبراهين ما فيه كفاية واحتجاجها بكتاب الله وكتب خصومها المشهورة يغنيها عن الاحتجاج بكتاب مجهول ينسب للغزالي. على أن الحافظ ابن حجر في لسان الميزان جزم بأنه للغزالي فقال (4): قال أبو حامد الغزالي في كتاب سر العالمين.
قال: (5) ومن هذا القبيل ما نراه مثبوتا في الكتب من إسناد كل فضل وكل علم إلى علي بن أبي طالب إلى أن قال: وعلى الجملة فليس هناك من علم إلا واصله علي بن أبي طالب كان العقول كلها أجدبت وأصيبت بالعقم إلا علي بن أبي طالب وذريته وعلي من ذلك براء.
ونقول: العقول مهما أخصبت لا تصل إلى درجة من كان مربيه ومعلمه ومخرجه الرسول الأعظم ص فليخفف الأستاذ أحمد أمين من غلوائه وليهدأ روعه ولا يعظم عليه أن يكون كل علم أصله علي بن أبي طالب.
وقال: (6) ومما يؤسف له أن التشيع كان مأوى يلجأ إليه من أراد هدم الاسلام لعداوة أو حقد ومن كان يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية وهندية ومن كان يريد استقلال بلاده والخروج على مملكته كل هؤلاء كانوا يتخذون حب أهل البيت ستارا يضعون وراءه كل ما شاءت أهواؤهم فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة وقالت الشيعة أن النار محرمة على الشيعي إلا قليلا كما قال اليهود لن تمسنا النار إلا أياما معدودات والنصرانية ظهرت في التشيع في قول بعضهم إن نسبة الإمام