وفي رواية أنه مكث في خزائن بني أمية حتى ولي سليمان بن عبد الملك فطلب فجئ به وهو عظم أبيض في سفط وطيبه وجعل عليه ثوبا ودفنه في مقابر المسلمين بعد ما صلى عليه فلما ولي عمر بن عبد العزيز سال عن موضعه فنبشه وأخذه والله أعلم ما صنع به وقال بعضهم: الظاهر من دينه أنه بعث به إلى كربلاء فدفنه مع الجسد الشريف. وفي جواهر المطالب عن الحافظ بن عساكر ان يزيد بعد ما نصبه بدمشق ثلاثة أيام وضعه بخزانة السلاح حتى كان زمن سليمان بن عبد الملك فجئ به وقد بقي عظما أبيض فكفنه وطيبه وصلى عليه ودفنه في مقابر المسلمين وروى ابن نما عن منصور بن جهور أنه دخل خزانة يزيد لما فتحت فوجد بها جونة حمراء فقال لغلامه سليم احتفظ بهذه الجونة فإنها كنز من كنوز بني أمية فلما فتحها إذا فيها رأس الحسين ع وهو مخضوب بالسواد فلفه في ثوب ودفنه عند باب الفراديس عند البرج الثالث مما يلي المشرق انتهى أقول: وكانه هو الموضع المعروف الآن بمسجد أو مقام أو مشهد رأس الحسين ع بجانب المسجد الأموي بدمشق وهو مشهد مشيد معظم السادس أنه بمسجد الرقة على الفرات بالمدينة المشهورة، حكى سبط ابن الجوزي عن عبد الله بن عمر الوراق ان يزيد لعنه الله قال لأبعثنه إلى آل أبي معيط عن رأس عثمان وكانوا بالرقة فبعثه إليهم فدفنوه في بعض دورهم ثم أدخلت تلك الدار في المسجد الجامع، قال وهو إلى جنب سدرة هناك وعليه شبه النيل أولا يذهب شتاء ولا صيفا السابع إنه بمصر نقله الخلفاء الفاطميون من باب الفراديس إلى عسقلان ثم نقلوه إلى القاهرة وله فيها مشهد عظيم يزار نقله سبط ابن الجوزي أقول: حكى غير واحد من المؤرخين ان الخليفة الفاطمي بمصر أرسل إلى عسقلان وهي بين مصر والشام فاستخرج رأسا قال إنه رأس الحسين ع وجئ به إلى مصر فدفن فيها في المشهد المعروف الآن وهو مشهد معظم يزار وإلى جانبه مسجد عظيم رأيته في سنة 1321 والمصريون يتوافدون إلى زيارته أفواجا رجالا ونساء ويدعون ويتضرعون عنده وأخذ الفاطميين لذلك الرأس من عسقلان ودفنه بمصر لا ريب فيه لكن الشأن في كونه رأس الحسين ع وهذه الوجوه الأربعة الأخيرة كلها من روايات أهل السنة وأقوالهم خاصة والله أعلم.
مشهد رؤوس العباس وعلي الأكبر وحبيب بن مظاهر بدمشق رأيت بعد سنة 1321 في المقبرة المعروفة بمقبرة باب الصغير بدمشق مشهدا وضع فوق بابه صخرة كتب عليها ما صورته:
هذا مدفن رأس العباس بن علي ورأس علي بن الحسين الأكبر ورأس حبيب بن مظاهر ثم أنه بعد ذلك بسنين هدم هذا المشهد وأعيد بناؤه وأزيلت هذه الصخرة وبني ضريح داخل المشهد ونقش عليه أسماء كثيرة لشهداء كربلاء، ولكن الحقيقة أنه منسوب إلى الرؤوس الشريفة الثلاثة المقدم ذكرها بحسب ما كان موضوعا على بابه كما مر. وهذا المشهد:
الظن قوي بصحة نسبته لأن الرؤوس الشريفة بعد حملها إلى دمشق والطواف بها وانتهاء غرض يزيد من إظهار الغلبة والتنكيل بأهلها والتشفي لا بد أن تدفن في إحدى المقابر فدفنت هذه الرؤوس الثلاثة في مقبرة باب الصغير وحفظ محل دفنها والله أعلم.
البناء على قبر الحسين ع أول من بنى القبر الشريف بنو أسد الذين دفنوا الحسين ع وأصحابه يظهر ذلك من الخبر المروي في كامل الزيارة عن زائدة عن زين العابدين ع حيث قال فيه: قد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض هم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة وهذه الجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون بهذا الطف علما لقبر سيد الشهداء لا يدرس اثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام اه. ومن قول ابن طاوس في الاقبال انهم أقاموا رسما لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما لأهل الحق. ويدل خبر مجئ التوابين إلى القبر الشريف انه في ذلك الوقت وهو سنة هلاك يزيد 63 أو 64 كان ظاهرا معروفا ولا يكون ذلك الا ببنائه. اما تعمير القبة عليه فقد تكرر مرارا.
العمارة الأولى للقبة الشريفة التي كانت في زمن بني أمية إذ تدل جملة من الآثار والأخبار أنه كان عليه سقيفة ومسجد في زمن بني أمية واستمر ذلك إلى زمن الرشيد من بني العباس لكن لا يعلم أول من بنى ذلك قال السيد محمد بن أبي طالب الحسني الحائري فيما حكي عن كتابه تسلية المجالس وزينة المجالس في مقتل الحسين ع: كان قد بني عليه مسجد ولم يزل كذلك بعد زمن بني أمية وفي زمن بني العباس إلى آخر كلامه وسيأتي. ويدل الخبر الذي رواه السيد علي بن طاوس في الاقبال عن الحسين بن أبي حمزة أنه كان عليه سقيفة لها باب في آخر زمن بني أمية حيث قال فيه: خرجت في آخر زمن بني أمية وأنا أريد قبر الحسين ع إلى أن قال: حتى إذا كنت على باب الحائر خرج إلي رجل ثم قال: فلما انتهيت إلى باب الحائر: فجئت فدخلت. وقال الصادق ع لجابر الجعفي في حديث رواه ابن قولويه في كامل الزيارة إذا أتيت قبر الحسين ع فقل. وجابر توفي على ما ذكره النجاشي سنة 128 ومات مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية سنة 132 فتكون وفاته قبل انقضاء دولتهم بأربع سنين، وروى ابن قولويه في كامل الزيارة عن أبي حمزة الثمالي عن الصادق ع في كيفية زيارة الحسين ع أنه قال فإذا أتيت الباب الذي يلي الشرق فقف على الباب وقل. ثم قال ثم تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء. وهو صريح في أن البناء كان سقيفة له باب من الشرق وقوله الباب الذي يلي الشرق يدل على وجود باب غيره وفي حديث صفوان الجمال عن الصادق ع إذ أردت زيارة الحسين بن علي فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر وقل ثم ادخل رجلك اليمنى القبة وأخر اليسرى وقل ثم ادخل الحائر وقم بحذائه.
وقال المفيد في مزاره عند ذكره لرواية صفوان بن مهران فإذا أتيت باب الحائر فقف ثم تأتي باب القبة فقف من حيث يلي الرأس ثم أخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين ثم توجه إلى الشهداء ثم امش حتى تأتي مشهد العباس بن علي فقف على باب السقيفة وقل وروى ابن قولويه بسنده عن أبي حمزة الثمالي عن الصادق ع: فإذا أردت زيارة العباس فقف على باب السقيفة وقل ثم ادخل.
هدم الرشيد قبر الحسين ع وبقيت هذه القبة إلى زمن الرشيد فهدمها وكرب موضع القبر وكان عنده سدرة فقطعها. وقال السيد محمد بن أبي طالب الحسيني الحائري فيما حكي عن كتابه تسلية المجالس وزينة المجالس: وكان قد بنى عليه مسجد ولم يزل كذلك بعد بني أمية وفي زمن بني العباس إلا على زمن هارون الرشيد فإنه خربه وقطع السدرة التي كانت ثابتة عنده وكرب موضع القبر اه