لم يا لك نصحا إلا أنه أخطأ إلا أن يكون عندك مستحقا للتهمة فلا تعبا بشئ من أمره على كل حال ولا قوة إلا بالله. وفي الخصال: وتصغي إليه بسمعك فان أتى بالصواب حمدت الله وان لم يوفق رحمته الخ.
43: وأما حق الكبير فان حقه توقير سنه واجلال اسلامه إذا كان من أهل الفضل في الاسلام بتقديمه فيه وترك مقابلته عند الخصام ولا تسبقه إلى طريق ولا تؤمه في طريق ولا تستجهله وإن جهل عليك تحملت وأكرمته بحق إسلامه مع سنه فإنما حق السن بقدر الاسلام ولا قوة إلا بالله. وفي الخصال: توقيره لسنه واجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك.
44: وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة والمداراة له وترك مما حكته فان ذلك أدنى لرشده. وفي الخصال: رحمته في تعليمه.
45: وأما حق السائل فاعطاؤه إذا تهيأت صدقة وقدرت على سد حاجته والدعاء له فيما نزل به و المعاونة له على طلبته وان شككت في صدقه وسبقت إليه التهمة ولم تعزم على ذلك لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك تركته بستره ورددته ردا جميلا وان غلبت نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه فان ذلك من عزم الأمور. وفي الخصال: اعطاؤه على قدر حاجته.
46: وأما حق المسؤول فحقه إن اعطى قبل منه ما أعطى بالشكر له والمعرفة لفضله وطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن واعلم أنه إن منع فماله منع وأن ليس التثريب في ماله وإن كان ظالما فان الإنسان لظلوم كفار. وفي الخصال: ان اعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله وإن منع فاقبل عذره.
47: وأما حق من سرك الله به وعلى يديه فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الابتداء وأرصدت له المكافاة وان لم يكن تعمدها حمدت الله أولا ثم شكرته وعلمت أنه منه توحدك بها وأحببت هذا كذا إذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك وترجو له بعد ذلك خيرا فان أسباب النعم بركة حيث ما كانت وإن كان لم يعتمد ولا قوة إلا بالله. وفي الخصال: ان تحمد الله عز وجل أولا ثم تشكره.
48: وأما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل فإن كان تعمدها كان العفو أولي بك لما فيه له من القمع وحسن الأدب مع كثير أمثاله من الخلق فان الله يقول ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إلى قوله من عزم الأمور وقال عز وجل وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين هذا في العمد فإن لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتكون قد كافأته بتعمد على خطا ورفقت به ورددته بالطف ما تقدر عليه ولا قوة إلا بالله. وفي الخصال: ان تعفو عنه وان علمت أن العفو يضر انتصرت قال الله تبارك تعالى: ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.
49: وأما حق أهل ملتك عامة فاضمار السلامة ونشر جناح الرحمة والرفق بمسيئهم وتالفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك فان احسانه إلى نفسه احسانه إليك إذ كف عنك أذاه وكفاك مؤونته وحبس عنك نفسه فعمهم جميعا بدعوتك وانصرهم جميعا بنصرتك وأنزلهم جميعا منك منازلهم كبيرهم بمنزلة الوالد وصغيرهم بمنزلة الولد وأوسطهم بمنزلة الأخ فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه. وفي الخصال: والرحمة لهم وكف الأذى عنهم وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك وشبابهم بمنزلة اخوتك وعجائزهم بمنزلة أمك والصغار بمنزلة أولادك.
50: وأما حق أهل الذمة فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله وكفى بما جعل الله لهم من ذمته وعهده وتكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله ص حائل فإنه بلغنا أنه قال من ظلم معاهدا كنت خصمه فاتق الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. فهذه خمسون حقا محيطا بك لا تخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها والعمل في تأديتها والاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين. وفي الخصال: ان تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عز وجل بعهده. وعلى رواية الخصال تكون أحد وخمسين.
المأثور عنه من جوامع الكلم والحكم القصيرة المحكي منها عن كتاب نثر الدرر في كشف الغمة والفصول المهمة قال الوزير أبو سعيد منصور بن الحسن الآبي في كتاب نثر الدرر: نظر علي بن الحسين زين العابدين ع إلى سائل يسال وهو يبكي فقال لو أن الدنيا كانت في كف هذا ثم سقطت منه ما كان ينبغي له ان يبكي عليها. وسئل ع لم أوتم النبي من أبويه فقال لئلا يوجب عليه حق لمخلوق وقال لابنه يا بني إياك ومعاداة الرجال فإنه لن يعدمك مكر حليم أو مفاجأة لئيم.
وبلغه ع قول نافع بن جبير في معاوية حيث قال: كان يسكته الحلم وينطقه العلم فقال كذب بل كان يسكته الحصر وينطقه البطر. وقيل له من أعظم الناس خطرا قال من لم ير الدنيا خطرا لنفسه.
قال وروى لنا الصاحب رحمه الله عن أبي محمد الجعفري عن أبيه عن عمه عن جعفر عن أبيه ع قال قال رجل لعلي بن الحسين ما أشد بغض قريش لأبيك قال لأنه أورد أولهم النار والزم آخرهم العار. وقيل له يوما كيف أصبحت قال أصبحنا خائفين برسول الله وأصبح جميع أهل الاسلام آمنين به وقال ع وقد قيل له ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة فقال أكره أن آخذ برسول الله ص ما لا أعطي مثله.