ثم إن المقريزي وغيره عدوا في فرق الشيعة فرقا أخرى لم نحققها وهي اما منقرضة أو لم توجد في الدنيا كالمباركية اتباع مبارك والشميطية اتباع يحيى بن شميط الأحمسي صاحب المختار وغيرهما وبعد ما وجدناهم كالتي سبق ذكرها لم يبق لنا وثوق بوجود غيرها ما لم نعلمه. على أن ابن شميط كان من أتباع المختار على امارته لا صاحب نحلة ومذهب خاص حتى يكون له اتباع على نحلته ينسبون إليه.
ثم إنهم عدوا في فرق الشيعة الغلاة وغيرهم ممن هم خارجون عن الاسلام كالخطابية والسبائية أصحاب عبد الله بن سبا وغيرهم. وهذا جهل أو تجاهل فالخارج عن الاسلام لا يصح عده من فرق المسلمين. والشيعة الامامية الاثنا عشرية الجعفرية تبرأ من كل غال وكل مؤله لمخلوق.
قال المقريزي: ومن فرق الروافض الحلوية والشاعية والشريكية يزعمون أن عليا شريك محمد ص والتناسخية القائلون ان الأرواح تتناسخ واللاعنة والمخطئة الذين يزعمون أن جبرئيل أخطأ والإسحاقية والخلفية الذين يقولون لا تجوز الصلاة خلف غير الامام والرجعية القائلون سيرجع علي وينتقم من أعدائه والمتربصة الذين يتربصون خروج المهدي والآمرية والجبية والجلالية والكريبية اتباع أبي كريب الضرير والحزنية اتباع عبد الله بن عمر الحزني اه.
أقول: يعلم الله أن هذه الأسماء كلها لم نسمع بها ولم نرها في كتب الشيعة وما هي إلا مختلقة لا يقصد من ذكرها غير التشنيع والتهجين وهي أسماء بلا مسميات ولم يذكرها أحد من المؤرخين ولا نقلها من كتب في الملل والنحل من الشيعة كالشيخ أبي محمد الحسن بن موسى النوبختي من أهل القرن الرابع في كتاب الفرق والمقالات المتكفل لذكر فرق الشيعة وغيره ... ووجود بعض النحل الباطلة بين من ينسب إلى التشيع وإن كان لا يضرنا ونحن بريئون منه كما لا يضر الدين الاسلامي الحق وجود بعض النحل الباطلة فيمن ينسب إليه وكذا لا تضر دعوى النبوة الباطلة الحقة إلا أن الحقيقة يجب أن تظهر وتعرف.
ثم اننا نسأل المقريزي كيف لم يذكر بين المشبهة والمجسمة أقوال من يقول من أهل نحلته ان الله تعالى ينزل في كل ليلة جمعة على سطوح المساجد راكبا على حماره بصورة غلام أمرد قطط الشعر في رجليه نعلان من ذهب. وقول من قال من أهل نحلته دعوني من الفرج واللحية وسلوني عما شئتم، وقول ابن تيمية على منبر جامع دمشق ان الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل درجة من درج المنبر كما حكاه مشاهدة ابن بطولة في رحلته، وكيف لم يعد المعتزلة مع فرق أهل السنة وجعلهم أقرب إلى الشيعة وعد الغلاة وغيرهم مع فرق الشيعة مع أن المعتزلة أقرب إلى أهل السنة من الغلاة إلى الشيعة كما لا يخفى.
البحث الثاني في مبدأ ظهور الشيعة إلى وقت انتشارهم وكثرتهم قد عرفت في البحث الأول انه في عهد رسول الله ص كان جماعة يتشيعون لعلي ع ثم ظهر التشيع له عند حدوث الاختلاف في أمر الخلافة يوم وفاة النبي ص فقالت الأنصار للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير واحتج عليهم المهاجرون بأنهم عشيرته وقومه وقال ع لما بلغه ذلك ما معناه: ان يكن ما قاله المهاجرون حقا فالحجة لنا دونهم وإلا فالأنصار على حجتهم وتشيع يومئذ لعلي جميع بني هاشم وبني المطلب وانضم إليهم الزبير بن العوام وثلاثة عشر رجلا أو اثنا عشر من المهاجرين والأنصار فأرادوا عليا للخلافة فقام هؤلاء الاثنا عشر فاحتجوا على تأخيره في الخلافة وهم ستة من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص من بني أمية، وسلمان الفارسي. وأبو ذر الغفاري.
والمقداد بن الأسود. وعمار بن ياسر. وبريدة الأسلمي. وستة من الأنصار أبو الهيثم بن التيهان. وسهل وعثمان ابنا حنيف. وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين. وأبي بن كعب. وأبو أيوب الأنصاري، روى ذلك الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن أبان بن تغلب عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ع. ورواه الصدوق في الخصال قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثني أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثني النهيكي عن عثمان بن المغيرة عن زيد بن وهب قال كان الذين أنكروا التقدم على علي بن أبي طالب في الخلافة إثنا عشر رجلا من المهاجرين والأنصار وعدهم بنحو ما مر عن الاحتجاج مع بعض الاختلاف وذكر عبد الله بن مسعود بدل عثمان بن حنيف وزاد زيد بن وهب فصاروا ثلاثة عشر. وسنذكر كلامهم عند ذكر تراجمهم في أبوابها. وكان الزبير في بيت فاطمة ع مع بني هاشم لما امتنع علي ع من البيعة ولما اخذ علي ليبايع شهر الزبير سيفه فأخذوه منه وضربوا به الحائط فكسروه. ولما دفنت فاطمة ع ليلا سرا كان الزبير في جملة من حضر دفنها ولم يزل مشايعا لعلي ع حتى صرفه عند ولده عبد الله فخرج إلى حرب الجمل ثم ذكره علي بأمور قالها له رسول الله ص فترك الحرب ورجع فقتله عمرو بن جرموز في وادي السباع ولذلك قال علي ع ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشا ابنه عبد الله. وكان أخلصهم في ولائه أربعة سلمان والمقداد وعمار وأبو ذر. وفي الدرجات الرفيعة: اما الذين كانوا معه ع اي عند وفاة النبي ص فقيل إنهم لم يبلغوا الأربعين حتى أنه روي عنه أنه قال لو وجدت أربعين رجلا لقاتلت. وقيل بل كانوا سبعمائة من أكابر الصحابة كلهم مريد إمامته حامل له على الطلب. قال وهذا ان صح فالمانع له عن الطلب والقتال اما علمه بأنهم لا يثبتون معه أو اتقاء الفتنة في زمان عدم استقرار الدين كما روي أن فاطمة ع لامته على قعوده وهو ساكت حتى أذن المؤذن فلما بلغ أشهد أن محمدا رسول الله قال لها أ تحبين ان تزول هذه الدعوة من الدنيا قالت لا قال فهو ما أقول لك اه.
قال ابن أبي الحديد في أوائل شرح نهج البلاغة: ان القول بتفضيل علي ع قول قديم قد قال به كثير من الصحابة والتابعين. فمن الصحابة عمار والمقداد وأبو ذر وسلمان وجابر بن عبد الله وأبي بن كعب وحذيفة وبريدة وأبو أيوب وسهل بن حنيف وعثمان بن حنيف وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت وأبو الطفيل عامر بن واثلة والعباس بن عبد المطلب وبنوه وبنو هاشم كافة وبنو المطلب كافة وكان الزبير من القائلين به في بدء الامر ثم رجع. وكان من بني أمية قوم يقولون بذلك منهم خالد بن سعيد بن العاص ومنهم عمر بن عبد العزيز اه ثم ذكر خبر الرجل الذي حلف بطلاق زوجته في الكوفة ان لم يكن علي بن أبي طالب أفضل الناس بعد