الواهية في اختيار أبي موسى لأن الأشعث كان منطويا على غش أمير المؤمنين ع ورأى اختلاف الكلمة أظهر ذات نفسه وجابه بما جابه به ولكن العجب من القراء أهل الجباه السود من طول السجود وأهل البلادة والجمود الذين لا يزال أمثالهم بلاء على الأمة الاسلامية إلى اليوم كيف يقولون لعلي ع ما نبالي كنت أنت أو ابن عباس لا نريد الا رجلا هو منك ومن معاوية سواء ولا يقولون لمعاوية ما نبالي كنت أنت أو عمرو لا نريد الا رجلا هو منك ومن علي سواء. ومن الذين جاءوا بعد ذلك فلم يشاؤوا أن ينظروا إلى الأمور الا من وراء غشاء فقالوا إن كل ما جرى من الفئة الباغية كان عن حسن نية واجتهاد قال المؤلف:
- داء لعمرك أعيا الطبيب * والمتطبب - - إن كان هذا اجتهادا * فليس في الأرض مذنب - وجاء الأشتر فقال يا أمير المؤمنين أرني عمرو بن العاص فوالله الذي لا اله الا هو لئن ملأت عيني منه لأقتلنه وجاء الأحنف بن قيس التميمي فقال يا أمير المؤمنين انك قد رميت بحجر الأرض ومن حارب الله ورسوله وأنف الاسلام واني قد عجمت هذا الرجل يعني أبا موسى وحلبت أشطره فوجدته كليل الشفرة قريب القعر وانه رجل يماني وقومه مع معاوية وانه لا يصلح لهؤلاء القوم الا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم ويتباعد منهم حتى يكون بمنزلة النجم فان شئت أن تجعلني حكما فاجعلني وإن قلت اني لست من أصحاب رسول الله ص فابعث رجلا من أصحابه غير عبد الله بن قيس واجعلني ثانيا أو ثالثا فإنه لا يعقد عقدة الا حللتها ولن يحل عقدة الا عقدتها وعقدت لك أخرى أشد منها فعرض ذلك على الناس فأبوه وقالوا لا يكون الا أبا موسى وفي رواية إن القوم اتوني بعبد الله بن قيس مبرنسا فقالوا ابعث هذا فقد رضينا به والله بالغ امره. قال علي ع قد أبيتم الا أبا موسى قالوا نعم قال فاصنعوا ما أردتم فبعثوا إلى أبي موسى وكان معتزلا بأرض من ارض الشام يقال لها عرض فاتاه مولى له فقال إن الناس اصطلحوا قال الحمد لله قال وقد جعلوك حكما قال إنا لله وإنا إليه راجعون فجاء أبو موسى حتى دخل عسكر علي ع.
كتاب الصلح قال نصر: لما رضي أهل الشام بعمرو بن العاص وأهل العراق بأبي موسى أخذوا في كتاب الموادعة ورضوا بالحكم حكم القرآن فكتبوا: هذا ما تقاضي عليه علي أمير المؤمنين فقال معاوية بئس الرجل انا إن أقررت أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته وقال عمرو للكاتب اكتب اسمه واسم أبيه انما هو أميركم واما أميرنا فلا فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه فقال له الأحنف لا تمح اسم امرة المؤمنين عنك فاني أتخوف إن محوتها أن لا ترجع إليك لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا فابى مليا من النهار أن يمحوها ثم جاء الأشعث بن قيس فقال امح هذا الاسم فقال علي لا إله إلا الله والله أكبر سنة سنة اما والله لعلى يدي دار هذا الأمر يوم الحديبية حين كتبت الكتاب عن رسول الله ص: هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله ص وسهيل بن عمرو فقال سهيل لو اعلم انك رسول الله لم أقاتلك اني إذا ظلمتك إن منعتك أن تطوف ببيت الله وأنت رسول الله ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال محمد ص يا علي اني لرسول الله واني لمحمد بن عبد الله ولن يمحو عني الرسالة كتابي إليهم من محمد بن عبد الله فراجعني المشركون فاليوم اكتبها إلى أبنائهم كما كتبها رسول الله ص إلى آبائهم سنة ومثلا فقال عمرو بن العاص سبحان الله شبهتنا بالكفار ونحن مؤمنون فقال له علي ع يا ابن النابغة ومتى لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا فقام عمرو فقال والله لا يجمع بيني وبينك مجلس ابدا بعد هذا اليوم فقال علي اما والله اني لأرجو أن يظهر الله عليك وعلى أصحابك وكان كتاب الصلح في صحيفة صفراء عليها خاتمان من أعلاها وأسفلها خاتم علي وخاتم معاوية وفي كل منهما محمد رسول الله.
صورة كتاب الصلح ذكر له نصر في كتاب صفين صورتين إحداهما عن جابر عن زيد بن حسن انه املاه عليه من كتاب عنده والثانية عن أبي إسحاق الشيباني عن سعيد بن أبي بردة أنه قرأ كتاب الصلح عنده وبين الصورتين بعض التفاوت ونحن ننقله منتزعا من مجموع الصورتين:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما فيما تراضيا به من الحكم بكتاب الله وسنة نبيه ص قضية علي على أهل العراق ومن كان معه من شيعته من شاهد أو غائب وقضية معاوية بن أبي سفيان على أهل الشام ومن كان معه من شيعته انا ننزل عند حكم القرآن فيما حكم به ونقف عند أمره فيما أمر ولا يجمع بيننا الا ذلك وانا جعلنا كتاب الله حكما فيما بيننا فيما اختلفنا فيه من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا ونميت ما أمات على ذلك تقاضيا وبه تراضيا فما وجد الحكمان في كتاب الله بيننا وبينكم فإنهما يتبعانه وما لم يجداه في كتاب الله اخذا بالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة وإن عليا وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله بن قيس ناظرا ومحاكما كما رضي معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا ومحاكما واخذوا عليهما عهد الله وميثاقه وأعظم ما اخذ الله على أحد من خلقه ليتخذان الكتاب إماما فيما بعثا له لا يعدوانه إلى غيره في الحكم بما وجداه فيه مسطورا وما لم يجداه مسمى في الكتاب رداه إلى سنة رسول الله ص الجامعة لا يتعمدان لها خلافا ولا يتبعان في ذلك لهما هوى ولا يدخلان في شبهة وأخذ عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص على علي ومعاوية عهد الله وميثاقه بالرضى بما حكما به من كتاب الله وسنة نبيه ص وليس لهما أن ينقضا ذلك ولا أن يخالفاه إلى غيره وانهما آمنان في حكومتهما على دمائهما وأموالهما وأهلهما ما لم يعدوا الحق رضي بذلك راض أو أنكره منكر وان الأمة أنصار لهما على ما قضيا به من العدل فان توفي أحد الحكمين قبل انقضاء الحكومة فأمير شيعته وأصحابه يختارون مكانه رجلا لا يألون عن أهل المعدلة والأقساط على ما كان عليه صاحبه من العهد والميثاق والحكم بكتاب الله وسنة رسوله ص وله مثل شرط صاحبه وإن مات أحد الأميرين من قبل القضاء فلشيعته أن يولوا مكانه رجلا يرضون عدله وقد وقعت القضية ومعها الأمن والتفاوض ووضع السلاح والسلام والوداعة وعلى الحكمين عهد الله وميثاقه أن لا يألوا جهدا ولا يتعمدا جورا ولا يدخلا في شبهة ولا يعدوا حكم الكتاب وسنة رسول الله ص فإن لم يفعلا برئت الأمة من حكمهما ولا عهد لهما ولا ذمة وقد وجبت القضية على ما قد سمي في هذا الكتاب من مواقع الشروط على الأميرين والحكمين والفريقين والله أقرب شهيدا وأوفى حفيظا والناس آمنون على أنفسهم وأهليهم وأموالهم إلى انقضاء مدة الأجل والسلاح موضوع والسبل مخلاة والغائب والشاهد من الفريقين سواء في الأمن وللحكمين أن ينزلا منزلا عدلا بين أهل العراق وأهل الشام ولا يحضرهما فيه الا من أحبا عن ملأ منهما وتراض وإن المسلمين قد أحلوا القاضيين إلى انسلاخ رمضان فان رأى الحكمان