- حتى إذا أصبحت في غير صاحبها * باتت تنازعها الذؤبان والرخم - - تالله ما جهل الأقوام موضعها * لكنهم ستروا وجه الذي علموا - وقال المؤلف من قصيدة:
- بيوم الغدير استوضح الحق وانجلى * ولم يبق بين الناس من دونه ستر - - به تمت النعمى وأكمل دينه * إله السما والمؤمنون به سروا - - دعاهم رسول الله فيه لبيعة * هي الفوز وهي الذخر ما فوقه ذخر - - يقول له الرحمن بلغ رسالتي * إليهم ولا يمنعك خوف ولا حذر - - وان أنت لم تفعل فلست مبلغا * رسالة رب بالعباد هو البر - - لك الله من شر البرية عاصم * ومن كل من أمسى وفي صدره وغر - - وقد عاد من حج الوداع وجمعهم * كثير حقيق ان يضيق به البر - - فبادرهم من قبل ان يتفرقوا * ومنزلهم في ذلك المنزل الوعر - - أقام عليا جنبه فوق منبر * من الصخر والأحداج إذ أرضهم جمر - - تظلله الدوحات من حر شمسه * وتستره أوراق دوحاته الخضر - - يمد بضبعيه وابطاهما بدا * بياضهما كي يرفع الشك والنكر - - فقام خطيبا فيهم ومناديا * نداء وعاه منهم العبد والحر - - اما انا أولي منكم بنفوسكم * فقالوا بلى أمر به نطق الذكر - - فقال الا من كنت مولاه فيكم * فهذا له مولى وحق له النصر - - بكم انا أولي وهو أولي بكم فما * لكم بعد هذا في خلاف له عذر - - وهل رتبة تحوي الإمامة تعتلي * على هذه ان صح من ناظر فكر - - وهل كان هذا الاهتمام لتأفه * به فاه زيد ان هذا هو الهذر - - فقالوا بخ أصبحت مولى الورى وفي * قلوبهم نكر وفي قولهم ختر - - وأفرده في خيمة وببيعة * له جاءهم من احمد المصطفى الامر - - فبايعه فيها الرجال مع النساء * وازواجه ما شاب بيعتهم سر - - وامسى أمير المؤمنين عليهم * اطاعته فرض هي وعصيانه وزر - - بمدحته حسان قد قام معلنا * بشعر يحاكي الدر - أو دونه الدر سنة إحدى عشرة من الهجرة وفاة النبي ص وما يتعلق من اخبارها بعلي ع نذكر ذلك هنا وإن كان قد تقدم جله في الجزء الثاني ولزم بعض التكرار.
كانت وفاة النبي ص في صفر وقيل في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة. ومن الغريب قول المفيد في الإرشاد وتبعه الطبرسي في إعلام الورى انه توفي سنة عشر.
جيش أسامة وبدء المرض برسول الله ص قال ابن إسحاق: ثم قفل رسول الله ص يعني من حجة الوداع فأقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم وصفرا وضرب على الناس بعثا إلى الشام وامر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة مولاه اه.
وقال ابن سعد في الطبقات أمر النبي ص يوم الاثنين الناس بالتهيؤ لغزو الروم فلما كان يوم الأربعاء بدئ به المرض فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده فخرج وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وغيرهم إلى أن قال وثقل رسول الله ص فجعل يقول أنفذوا بعث أسامة. وروى ابن هشام في سيرته ان رسول الله ص استبطأ الناس في بعث أسامة وهو في وجعه فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر وقال أنفذوا بعث أسامة ثم نزل وانكمش الناس في جهازهم وقال ابن سعد في روايته فخرج عاصبا رأسه فقال أيها الناس أنفذوا بعث أسامة ثلاث مرات.
تأكيد الوصاية بالثقلين وروى ابن سعد بسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي ص أنه قال إني اوشك ان أدعي فأجيب واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير اخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
وقال المفيد في إرشاده: ثم كان مما اكد النبي ص لعلي من الفضل وتخصصه منه بجليل رتبته ما تلا حجة الوداع من الأمور المتجددة لرسول الله ص والاحداث التي اتفقت بقضاء الله وقدره وذلك أنه تحقق من دنو اجله ما كان قدم الذكر به لأمته فجعل يقوم مقاما بعد مقام في المسلمين يحذرهم الفتنة بعده والخلاف عليه ويؤكد وصاتهم بالتمسك بسنته والاجتماع عليها والوفاق ويحثهم على الاقتداء بعترته والطاعة لهم والنصرة والحراسة والاعتصام بهم في الدين ويزجرهم عن الاختلاف والارتداد وكان فيما ذكره من ذلك ما جاءت به الرواية على اتفاق واجتماع من قوله يا أيها الناس اني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض ألا واني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما فان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يلقياني وسالت ربي ذلك فأعطانيه الا واني قد تركتهما فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولا تسبقوهم فتفرقوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم أيها الناس لا ألفينكم بعدي ترجعون كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرار الا وان علي بن أبي طالب أخي ووصيي يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، وكان يقوم مجلسا بعد مجلس بمثل هذا الكلام ونحوه اه.
سر الاهتمام بتنفيذ جيش أسامة قال المفيد: ثم أنه عقد لأسامة بن زيد بن حارثة الإمرة وأمره وندبه أن يخرج بجمهور الأمة إلى حيث أصيب أبوه من بلاد الروم واجتمع رأيه على إخراج جماعة من مقدمي المهاجرين والأنصار في معسكره حتى لا يبقى في المدينة عند وفاته من يخلف في الرياسة ويطمع في التقدم على الناس بالامارة ويستتب الامر لمن استخلفه من بعده ولا ينازعه في حقه منازع فعقد له الإمرة وجد في اخراجهم وامر أسامة بالبروز عن المدينة بعسكره إلى الجرف وحث الناس على الخروج إليه والمسير معه وحذرهم من التلوم والإبطاء فبينا هو في ذلك إذ عرضت له الشكاة التي توفي فيها اه.
وإذا أنعمنا النظر في مجاري هذه الحوادث وتأملناها بانصاف مجرد عن شوائب العقائد أمكننا ان نقول إن النبي ص مع ما تحققه من دنو أجله وأومأ إليه بما أعلنه للملأ في خطبته التي خطبها في حجة الوداع بقوله فاني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا وقوله في بعض خطبه قد حان مني خفوق من بين أظهركم وتأكيده الوصاية بالثقلين وقوله قد كان جبرئيل يعرض علي القرآن في كل سنة مرة وقد عرضه علي العام مرتين ولا أراه إلا لحضور أجلي، واعتكافه في ذلك العام عشرين يوما وقد كان يعتكف عشرة