في سيرة العسكري: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ولا سمعت به في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر وكذلك القواد والوزراء والكتاب وعوام الناس وما سالت عنه أحدا من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلا وجدته عندهم في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على أهل بيته ومشايخه وغيرهم ولم أر له وليا ولا عدوا إلا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه.
وقال أبوه عبيد الله بن خاقان من وزراء المعتمد: لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره في فضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه والفضل ما شهدت به الأعداء.
وقد روي عنه من أنواع العلوم ومن المواعظ والحكم والآداب وغيرها ما ملأ بطون الدفاتر ونسب إليه كتاب في تفسير القرآن وله رسالة المنقبة وغيرها كما يأتي في سيرته.
وفي مناقب ابن شهرآشوب عن كتاب التبديل ما حاصله إن أسحق الكندي فيلسوف العراق في زمانه أخذ في تاليف تناقض القرآن فقال الإمام الحسن العسكري لبعض تلاميذه قل له حضرتني مسالة أسألك عنها: إن هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به غير المعاني التي قد ظننت أنك ذهبت إليها فسيقول لك إنه من الجائز لأنه رجل يفهم فقل له فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فقال له التلميذ ذلك فقال أعد علي فأعاد عليه ففكر في نفسه ورأى ذلك محتملا في اللغة فقال أقسمت عليك من أين لك هذا قال شئ عرض بقلبي قال كلا ما مثلك من اهتدى لهذا فعرفني من أين لك هذا فقال أمرني به أبو محمد فقال الآن جئت به وما كان ليخرج مثل هذا إلا من ذلك البيت وأحرق جميع ما كان ألفه.
وروى عنه عدة من العلماء والثقات ففي أنساب السمعاني أن أبا محمد أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري الحافظ الواعظ كتب بمكة عن إمام أهل البيت أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا. وفي مناقب ابن شهرآشوب من ثقاته علي بن جعفر قيم لأبي الحسن وأبو هاشم داود بن القاسم الجعفري وداود بن أبي يزيد النيسابوري ومحمد بن علي بن بلال وعبد الله بن جعفر الحميري القمي وأبو عمرو عثمان بن سعيد العمري وإسحاق بن الربيع الكوفي وأبو القاسم جابر بن يزيد الفارسي وإبراهيم بن عبيد الله بن إبراهيم النيسابوري. ومن وكلائه محمد بن أحمد بن جعفر وجعفر بن سهيل الصيقل ومن أصحابه محمد بن الحسن الصفار وعبدوس العطار وسندي بن النيسابوري وأبو طالب الحسن بن جعفر الفأفاء. وأبو البختري مؤدب ولد الحجاج وبابه الحسين ابن روح النوبختي. وجاء بعده ولده محمد بن الحسن الملقب بالمهدي، وكانت تخرج توقيعاته في مشكلات المسائل. ولد سنة 255.
وألف أصحاب الأئمة والراوون عنهم من عهد أمير المؤمنين علي ع إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري ع وذلك نحو 250 سنة في علوم الدين ما يزيد عن 6600 كتاب. وامتاز من بينها 400 كتاب عرفت بالأصول الأربعمائة وهي مروية عن جعفر الصادق خاصة يأتي الكلام عليها عند الكلام على مؤلفات الشيعة في الفقه والحديث.
ما أثر عن أئمة أهل البيت في الحكم والمواعظ والآداب والدعاء.
وقد أثر عن الأئمة الاثني عشر من الحكم والمواعظ والآداب والنصائح والخطب الشئ الكثير حتى أفرد بالتأليف فجمعه الكليني في جزء من كتابه الكافي سماه الروضة وجمع الحسن بن علي بن شعبة الحلبي من ذلك كتابا سماه تحف العقول وجمع المجلسي ما جاء عنهم من ذلك في جزء من كتابه البحار إلى غير ذلك وأثر عنهم من صنوف الأدعية والمناجاة الشئ الكثير الغزير ودون وجمع.
ما أثر عن أئمة أهل البيت في أصول الفقه وقد أثر عن أئمة أهل البيت من الباقر إلى الحسن العسكري أكثر قواعد أصول الفقه. قال السيوطي في الأوائل: أول من صنف في أصول الفقه الإمام الشافعي رحمه الله اه بل أول من فتح باب أصول الفقه قبل الإمام الشافعي وبين أصول مسائله هو الإمام محمد بن علي الباقر وابنه الإمام جعفر بن محمد الصادق ع فبينا لأصحابهما مهمات مسائله ثم بعدهما الإمام موسى بن جعفر الكاظم وابنه الإمام علي الرضا ع ثم الإمامان الهادي والعسكري كما يأتي بيان ذلك كله وقد تقدم في ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فذكر أن في القرآن الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والعام والخاص وأنواعا كثيرة إلى تمام ستين نوعا من علوم القرآن كما مر في أوائل هذا البحث وهذه هي عمدة مباحث هذا الفن. وقد جمع الشيخ محمد بن الحسن بن الحر العاملي صاحب الوسائل كتابا في القواعد الكلية المروية عن أئمة أهل البيت ع أصولية كانت أو فقهية سماه الفصول المهمة في أصول الأئمة. وجمع السيد هاشم ابن زين العابدين الموسوي الخوانساري الأصفهاني كتاب أصول آل الرسول الأصلية رتبه على ترتيب كتب الأصول الموجودة اليوم. وجمع السيد عبد الله الشبري كتاب الأصول الأصلية من هذا القبيل وكلها بالروايات المسندة عن أئمة أهل البيت ع.
وجمع ملا محسن الكاشي كتابا سماه الأصول الأصلية المستفادة من الكتاب والسنة. وهذه الأصول المشار إليها أمثال: كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي، كلما غلب الله عليه من أمره فالله أعذر لعبده. كل شئ أمر الناس به فهم يسعون له وكل شئ لا يسعون له فهو موضوع عنهم. كل مجهول ففيه القرعة. كل طلاق لا يكون على السنة فليس بشئ. كل يابس ذكي. كل شئ طاهر حتى تعلم أنه نجس الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر، كل ما ليس له دم فميتته طاهرة. كل شئ يجتر فسؤره حلال ولعابه حلال كل ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه. كل ما اسكر كثيره فقليله حرام كل مسكر خمر. الحج عرفة، ما على الأمين إلا اليمين. وغير ذلك مما يوجد في طي كتب الفقه.
فمما ورد عن الصادق ع في الاجتهاد ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة