الذي لم ينل أحد قبلكما ولا بعدكما مثله. للمؤلف:
- مفاخر قلدت جيد الزمان حلى * امسى بها الكون مزدانا إلى الأبد - - ما نالها أحد من قبل ذاك ولا * أصابها بعده في الناس من أحد - أمر لا ينقضي منه العجب بقي علينا ان نذكر في المقام أمرا لا يكاد ينقضي منه العجب وهو ان من زفها سيد المرسلين مع بني هاشم وأصحابه ونساء المؤمنين واحتفل في زفافها هذا الاحتفال العظيم كانت حرية ان يحتفل بتشييعها عند وفاتها بمثل هذا الاحتفال أو أعظم، ولكنها دفنت في الليل سرا وعفي قبرها ولم يعلم موضعه على التحقيق إلى اليوم فتزار في ثلاثة مواضع ولم يشهد جنازتها الا علي وولداها ونفر من بني هاشم ونفر قليل من الصحابة.
سنة تزويج علي بفاطمة وقد اختلف في سنة تزويج علي بفاطمة فقيل بعد الهجرة بسنة وقيل بسنتين وقيل بثلاث وقال ابن الأثير قيل إن علي بن أبي طالب بنى بفاطمة على رأس اثنين وعشرين شهرا من الهجرة. وروى ابن سعد في الطبقات ان تزوجه بها كان بعد مقدم النبي ص المدينة بخمسة أشهر وبنى بها مرجعه من بدر، وبدر كانت على رأس تسعة عشر شهرا من الهجرة. فيكون قد عقد له النبي ص عليها وهو في دار أبي أيوب ودخل بها بعد خروجه من دار أبي أيوب بشهرين لأنه بقي في دار أبي أيوب سبعة أشهر فاخر دخوله إلى أن بني بيتا له ولعلي.
اخباره في غزواته في عهد النبي ص في السنة الثانية من الهجرة قال كل من كتب في التاريخ والآثار والسير انه لم يتخلف عن النبي ص في موطن قط الا في غزاة تبوك لأنه علم أنه ليس فيها حرب فخلفه على المدينة فعلم من ذلك وجوده في جميع الغزوات وإن كانت غير مهمة، كما أن أكثرهم قال إنه كان صاحب الراية في جميع الغزوات وهو الذي يقتضيه الاعتبار، فكيف تساعد عليا نفسه ان يتخلف عنه في شدة ولو قلت وكيف تساعد الرسول نفسه ان يدفع الراية لغير علي وهو أشجع من معه الا ان يدفعها نادرا إلى حمزة أسد الله وأسد رسوله. ثم إن اخباره في الغزوات المهمة قد تقدمت في الجزء الثاني مفصلة ونذكر هنا منها ما له تعلق به ع سواء أ كنا ذكرناه فيما سبق أم لا وان لزم شئ من التكرار لتكون اخباره متتالية متتابعة بحسب السنين وإن كان بعضها مما ليس مهما متقدما في التاريخ عما قدمناه من تزوجه بالزهراء ع كالغزوات التي قبل بدر، لأننا أردنا أن تكون غزواته في نسق واحد.
الأولى غزوة ودان أو الأبواء وكانت في صفر لاثنتي عشرة ليلة مضت منه على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة وهي أول غزوات النبي ص وأول غزوة حمل فيها راية مع النبي ص، خرج النبي في ستين راكبا من المهاجرين فيهم علي ع يريد عيرا لقريش فلم يلق حربا وكانت رايته مع علي ع فيما رواه المفيد مسندا عن أبي البختري القرشي وكان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب فيما قاله ابن سعد في الطبقات ولا منافاة فالراية العلم الأكبر واللواء دونها.
وبعدها غزوة بواط وبدر الأولى في ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهرا من الهجرة ولم يصرح المؤرخون بان عليا كان في الأولى ولا ان رايته كانت معه ولا مع غيره لكن قول المؤرخين انه لم يتخلف عنه في موطن الا في تبوك وكان صاحب رايته يدل على ذلك وصرحوا بان لواءه في الثانية كان مع علي بن أبي طالب وهو لواء أبيض.
وبعدها غزوة العشيرة بالتصغير على رأس ستة عشر شهرا من الهجرة ولم يصرحوا بوجوده فيها ولا بحمله الراية وقالوا ان اللواء كان مع حمزة وتعميمهم السابق يدل على وجوده فيها ويمكن كون الراية معه واللواء مع حمزة كما مر في غزوة ودان. وبعدها.
اخباره في غزوة بدر الكبرى وكانت في شهر رمضان يوم تسعة عشر أو سبعة عشر منه على رأس تسعة عشر شهرا من الهجرة ومر بيان سببها في الجزء الثاني ونذكر هنا ما له علاقة باخبار علي ص مما قد تقدم أو لم يتقدم وقد نذكر غير ذلك مما لم يتقدم. كان المسلمون فيها ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا ومعهم فرسان وسبعون بعيرا فكان الرجلان والأكثر يتعاقبون بعيرا واحدا وكان النبي ص وعلي ع ومرثد بن أبي مرثد يتعاقبون بعيرا لمرثد وقال ابن الأثير كان ثالثهم زيد بن حارثة وكان المشركون تسعمائة وخمسين أو عشرين مقاتلا وقادوا مائتي فرس وقيل أربعمائة والإبل سبعمائة بعير واعطى النبي ص رايته في هذه الغزاة إلى علي ع كما في غيرها من الغزوات ومرت رواية الاستيعاب عن تاريخ السراج بسنده عن ابن عباس قال دفع رسول الله ص الراية يوم بدر إلى علي وهو ابن عشرين سنة وفي السيرة الحلبية عن ابن عباس مثله وقال ابن الأثير كان لواؤه ورايته مع علي بن أبي طالب. وفي السيرة النبوية لدحلان عقد ص يوم بدر لواء أبيض ودفعه لمصعب بن عمير وكان أمامه ص رايتان سوداوان إحداهما مع علي بن أبي طالب والاخرى مع سعد بن معاذ وقيل مع الحباب بن المنذر وفي السيرة الحلبية ان النبي ص دفع اللواء يوم بدر وكان أبيض إلى مصعب بن عمير وكان أمامه رايتان سوداوان إحداهما مع علي بن أبي طالب ويقال لها العقاب. وفيها أيضا عن الامتاع ان النبي ص عقد الألوية يوم بدر وهي ثلاثة: لواء يحمله مصعب بن عمير ورايتان سوداوان إحداهما مع علي والاخرى مع رجل من الأنصار اه والراية هي العلم الأكبر واللواء دونها وما يتوهم من كلام بعض أهل اللغة من اتحادهما مردود بتصريح غيره مما ذكرناه نعم قد يطلق أحدهما على الآخر أو على الأعم باعتبار ان الراية تسمى لواء أيضا وقد يفسر أحدهما بالآخر في كلام أهل اللغة الذين كثيرا ما يفسرون بالأعم، كما أن ما يحكى عن ابن سعد وابن اسحق من أن الرايات حدثت يوم خيبر مردود بهذه الروايات وبما تقدم في غزوة ودان وبدر الأولى وغزوة العشيرة. وقد علم مما مر ان راية المهاجرين في غزوة بدر كانت مع علي ع وان لواءهم كان مع مصعب بن عمير وان لواء الخزرج من الأنصار كان مع الحباب بن المنذر ولواء الأوس مع سعد بن معاذ. وفي السيرة الحلبية التصريح بذلك، وحينئذ فتكون الراية واحدة والألوية ثلاثة، وهو الموافق للاعتبار فان الراية العظمى يجب أن تكون بيد علي ع لأنها لا تعطى الا لمتميز في الشجاعة، وعلي وإن كان من المهاجرين الا ان كونه صاحب الراية يجعله الرئيس على الجميع، فاستحسن ان يكون للمهاجرين لواء أيضا فاعطي لمصعب بن عمير، وجعل للأنصار لواءان أحدهما للخزرج مع الحباب والآخر للأوس مع سعد. وسار النبي ص بأصحابه حتى كان قريبا