الطوسي المعروف بالشيخ الطوسي في مقدمة كتابه فهرست أسماء مصنفي الشيعة: فإنه أي الفهرست يطلع على أكثر ما عمل من التصانيف ويعرف به قدر صالح من الرجال ولم أضمن أني أستوفي ذلك إلى آخره فان تصانيف أصحابنا لا تكاد تضبط لكثرة انتشار أصحابنا في البلدان وأقاصي الأرض اه.
وقد كانت كلمة تصدر من أحد خصومهم أو أمر يحدث يكون سببا في تاليف كتاب. فالنجاشي صنف فهرست أسماء المصنفين من الشيعة وكتبهم لما سمع من يقول: إنه لا سلف لكم ولا مؤلف. والشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي صنف المبسوط في الفقه لما كان يسمع ما يقوله المتفقهة من غير الشيعة من نسبتهم الإمامية إلى قلة الفروع وقولهم إن من ينفي القياس والاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل ولا التفريغ على الأصول، لأن جل ذلك مأخوذ من هذين الطريقين، وأبان فيه أن جل ما ذكروه من المسائل موجود في أخبارنا خصوصا أو عموما، تصريحا أو تلويحا، وإنه لا فرع مما ذكروه في كتبهم من مسائل الفروع إلا وله مدخل في أصولنا ومخرج على مذاهبنا، إلا على وجه القياس بأعلى طريقة توجب علما يجب العمل عليها من البناء على الأصل وبراءة الذمة وغير ذلك.
فجاء كتابا لا نظير له في كتب الشيعة ولا غيرهم. ولما بلغ هذا الشيخ ان بعض الناس استنكر تعارض الأخبار الواردة عن أئمة أهل البيت ع صنف كتاب الاستبصار في الجمع بين ما تعارض من الاخبار.
وعلي بن محمد الخزاز القمي من أهل القرن الرابع لما سمع من يقول إنه لم يرد شئ في امامة الأئمة الاثني عشر عن الصحابة والعترة صنف كتاب كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الاثني عشر ذكر فيه ما ورد من ذلك عن الصحابة والعترة بأسانيده. والطبرسي لما سمع من ينكر الاحتجاج جمع كتابا فيما أمر الله به من الاحتجاج في القرآن وفي احتجاجات النبي ص والزهراء والأئمة ع وجماعة من الصحابة وبعض العلماء وهو المعروف باحتجاج الطبرسي. والشيخ زين الدين بن علي العاملي الجبعي المعروف بالشهيد الثاني لما رأى ندرة الشروح المزجية في مؤلفات الشيعة ألف عدة شروح مزجية كشرح اللمعة الدمشقية وشرح ألفية الشهيد ونفليته وشرح الدراية وغيرها. والشهيد الأول محمد بن مكي العاملي الجزيني جمع ألف حكم من أحكام الصلاة الواجبة في كتاب سماه الألفية لأجل حديث مروي وجمع مستحبات الصلاة في كتاب سماه النفلية. والشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى سنة 1085 لما رأى أنه ليس للشيعة مؤلف في غريب القرآن والحديث لا سيما أحاديث الشيعة ألف كتابه مجمع البحرين.
والصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي لما رأى كتاب من لا يحضره الطبيب صنف كتاب من لا يحضره الفقيه وألف فيما ورد في الخصال العددية وفيما ورد في علل الأحكام الشرعية وما ورد في ثواب الأعمال وعقاب الأعمال وما ورد في التوحيد وغير ذلك من المصنفات المتنوعة.
وقد ألف علماء الشيعة في جميع فنون الاسلام وجملة منها لم يسبقهم إلى التأليف فيها سابق من التفسير والقراءة والحديث. والفقه من الطهارة إلى الديات. ومناسك الحج. والفرائض والمواريث بالخصوص. وأصول الدين وعلم التوحيد. وأصول الفقه ودراية الحديث. وشرح الاخبار.
وشرح الأربعين حديثا وعمل اليوم والليلة وعمل الأسبوع. وأعمال السنة وأعمال شهر رمضان بالخصوص. والمزارات. والدعوات. والاحتجاج.
ورد الدهرية وغيرهم. والأخلاق. والمواعظ والحكم والآداب. والتاريخ والمغازي والمقاتل والأنساب والشعر والآداب. وعلم الرجال والتراجم وفهرست المصنفات والاجازات والجغرافيا وتقويم البلدان. والهيئة.
وتشريح الأفلاك. وعلم النجوم. والهندسة. والحساب والجبر والمقابلة والطب. والمنطق والكلام من الطبيعيات والإلهيات. والمناظرة والجدل وآداب المعلمين والمتعلمين. والنحو. والصرف. وعلوم البلاغة. ومتن اللغة وغير ذلك فألفوا في ذلك كله المؤلفات التي لا تحصى كثرة من مطولات ضخمة ومتوسطات ومختصرات ومتون وشروح وحواش ومنثور ومنظوم مما ستقف عليه في تراجمهم (انش) وكتب الرجال والفهارس كافلة ببيان ذلك وقد صنف عدة كتب في أسماء المصنفين منهم خاصة كفهرست الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي. ورجال النجاشي. وفهرست منتجب الدين بن بابويه. ومعالم العلماء لابن شهرآشوب. وفي فهرست ابن النديم قسم وافر من مؤلفيهم وصنف معاصرنا الشيخ آقا بزرك الطهراني كتابا سماه الذريعة إلى مؤلفات الشيعة في ست مجلدات مخطوطة نظير كشف الظنون طبع منه أربعة أجزاء وصل فيها إلى آخر حرف التاء وستكون اجزاؤه المطبوعة على ضعف الستة أو أزيد ويزيد ما فيه على كشف الظنون كثيرا. وقبله صنف بعض علماء الهند كتاب كشف الحجب عن أسماء المؤلفات والكتب.
أول من ألف في الاسلام من العلماء هم علماء الشيعة قد عرفت قول الغزالي أول كتاب صنف في الاسلام كتاب ابن جريح وحروف التفاسير عن مجاهد وعطاء بمكة. ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني بمكة ثم موطأ مالك بالمدينة ثم جامع سفيان الثوري. وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ أول من صنف الكتب ابن جريح اه وستعرف قول السيوطي في الأوائل أن أول من صنف في الفقه بعد المائة الأولى أبو حنيفة. وقد عرفت قول ابن شهرآشوب بعد نقل كلام الغزالي:
بل الصحيح أن أول من صنف في الاسلام أمير المؤمنين ع ثم سلمان الفارسي ثم أبو ذر ثم الأصبغ بن نباتة ثم عبد الله بن أبي رافع ثم الصحيفة الكاملة. وقال النجاشي في أول كتابه المعمول لذكر المؤلفين من الشيعة:
أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالحين وهي أسماء قليلة ثم قال:
ذكر الطبقة الأولى وعدهم هكذا: أبو رافع مولى رسول الله ص وابناه عبيد الله وعلي كاتبا أمير المؤمنين ع ويأتي الكلام على الثلاثة مفصلا قريبا وربيعة بن سميع عن أمير المؤمنين ع له كتاب في زكاة النعم، وذكر سنده إليه، وسليم بن قيس الهلالي له كتاب، وذكر سنده إليه والأصبغ بن نباتة المجاشعي كان من خاصة أمير المؤمنين ع وعمر بعده روى عنه عهده إلى الأشتر ووصيته إلى ابنه محمد، وذكر سنده إليهما، وعبد الله بن الحر الجعفي الفارس الفاتك له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين ع اه ولم يعين السابق ولا ذكر ترتيبا كما ذكر ابن شهرآشوب. وبيان السابق من مؤلفي الشيعة وغيرهم يتوقف على ذكر تواريخ وفياتهم. أما غير الشيعة فمجاهد مات سنة 101 على الأقل و 104 على الأكثر وعطاء 110 على الأقل و 114 على الأكثر وابن جريح والامام أبو حنيفة 150 ومعمر بتخفيف الميم ابن راشد 152 على الأقل و 154 على الأكثر وسفيان الثوري 161 ومالك 179 وأما الشيعة فسلمان مات سنة 36 أو 37 وقيل قبل سنة 34 وأبو