أسد فقال له هارون أخبرني ما هذه الأكمة قال إن جعلت لي الأمان أخبرتك قال لك عهد الله وميثاقه أن لا أهيجك ولا أوذيك قال حدثني أبي عن آبائه أنهم كانوا يقولون أن في هذه الأكمة قبر علي بن أبي طالب جعله الله حرما لا يأوي إليه شئ إلا امن فنزل هارون فدعا بماء فتوضأ وصلى عند الأكمة وتمرع عليها وجعل يبكي ثم انصرفنا قال محمد بن عائشة وكان قلبي لا يقبل ذلك فحججت إلى مكة فرأيت بها ياسرا خادم الرشيد فقال قال لي الرشيد ليلة من الليالي وقد قدمنا من مكة فنزلنا الكوفة يا ياسر قل لعيسى بن جعفر فليركب فركبا جميعا وركبت معهما حتى إذا صرنا إلى الغريين فاما عيسى فطرح نفسه فنام وأما الرشيد فجاء إلى أكمة فصلى عندها فكلما صلى ركعتين دعا وبكى وتمرع على الأكمة ثم يقول يا ابن عم انا والله اعرف فضلك وسابقتك وبك والله جلست مجلسي الذي أنا فيه وأنت وأنت ولكن ولدك يؤذونني ويخرجون علي ثم يقوم فيصلي ثم يعيد هذا الكلام ويدعو ويبكي حتى إذا كان وقت السحر قال لي يا ياسر أقم عيسى فأقمته فقال له يا عيسى قم فصل عند قبر ابن عمك قال له وأي ابن عم مني هذا قال هذا قبر علي بن أبي طالب فتوضأ عيسى وقام يصلي فلم يزالا كذلك حتى طلع الفجر فقلت يا أمير المؤمنين أدركك الصبح فركبنا ورجعنا إلى الكوفة اه.
تعمير القبر الشريف العمارة الأولى أول من عمره هارون الرشيد بعد سنة 170 وما في بعض الكتب من أن ذلك كان سنة 155 اشتباه لأن الرشيد استخلف سنة 170 ومات سنة 193 وإظهاره القبر وتعميره إنما كان في خلافته قال الديلمي الحسن بن أبي الحسن محمد في ارشاد القلوب بعد ما ذكر مجئ هارون إلى القبر: وأمر أن تبنى عليه قبة بأربعة أبواب اه وقال أحمد بن علي بن الحسين الحسني في كتابه عمدة الطالب بعد ما ذكر زيارة الرشيد للقبر الشريف: ثم أن هارون أمر فبنى عليه قبة وأخذ الناس في زيارته والدفن لموتاهم حوله وقال السيد عبد الكريم بن أحمد بن طاوس الحسني في كتاب فرحة الغري: ذكر ابن طحال أن الرشيد بنى عليه بنيانا باجر أبيض أصغر من هذا الضريح اليوم من كل جانب بذراع ولما كشفنا الضريح الشريف وجدنا مبنيا عليه تربة وجصا وأمر الرشيد أن يبنى عليه قبة فبنيت من طين أحمر وعلى رأسها جرة خضراء وهي في الخزانة اليوم اه.
ويظهر من حديث رواه السيد عبد الكريم بن طاوس في كتاب فرحة الغري الآنف الذكر أن داود العباسي (1) عمل على القبر صندوقا وقال أبو الحسن علي بن الحسن بن الحجاج أنه رأى هذا الصندوق لطيفا قال السيد عبد الكريم بن أحمد بن موسى بن طاوس في فرحة الغري: أخبرني عمي السعيد علي بن موسى بن طاوس والفقيه نجم الدين أبو القاسم بن سعيد والفقيه المقتدى بقية المشيخة نجيب الدين يحيى بن سعيد أدام الله بركاتهم كلهم عن الفقيه محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني عن محمد بن الحسن العلوي الساكن بمشهد الكاظم ع عن القطب الراوندي عن محمد بن علي بن المحسن الحلبي عن الشيخ الطوسي ونقلته من خطه حرفا حرفا عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن محمد بن أحمد بن داود عن أبي الحسين محمد بن تمام الكوفي حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحجاج من حفظه قال كنا جلوسا في مجلس ابن عمي أبي عبد الله محمد بن عمران بن الحجاج وفيه جماعة من أهل الكوفة من المشايخ وفيمن حضر العباس بن أحمد العباسي وكانوا قد حضروا عند ابن عمي يهنونه بالسلامة لأنه حضر وقت سقوط سقيفة سيدي أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب ع في ذي الحجة سنة 273 فبينا هم قعود يتحدثون إذ حضر المجلس إسماعيل بن عيسى العباسي فأحجمت الجماعة عما كانت فيه وأطال إسماعيل الجلوس فقال يا أصحابنا أعزكم الله لعلي قطعت حديثكم بمجيئي فقال أبو الحسن علي بن يحيى السليماني وكان شيخ الجماعة ومقدما فيهم لا والله يا أبا عبد الله أعزك الله ما أمسكنا لحال من الأحوال فقال لهم يا أصحابنا اعلموا أن الله عز وجل مسائلي عما أقول لكم وما اعتقده من المذهب حتى حلف بعتق جواريه ومماليكه وحبس دوابه أنه لا يعتقد إلا ولاية علي بن أبي طالب والسادة من الأئمة وعدهم واحدا واحدا فانبسط إليه أصحابنا ثم قال لهم رجعنا يوم الجمعة من الصلاة مع عمي داود فقال لنا أينما كنتم قبل أن تغرب الشمس فصيروا إلي ولا يتخلف منكم أحد وكان جمرة بني هاشم فصرنا إليه فقال صيحوا بفلان وفلان من الفعلة فجاءه رجلان معهما آلتهما فقال لنا اركبوا في وقتكم هذا وخذوا معكم الجمل غلاما كان له أسود يعرف بالجمل وكان هذا الغلام لو حمل على سكر دجلة لسكرها من شدته وبأسه وأمضوا إلى هذا القبر الذي قد افتتن به الناس ويقولون أنه قبر علي حتى تنبشوه وتجيؤوني بأقصى ما فيه فمضينا إلى الموضع فحفر الحفارون وهم يقولون لا حول ولا قوة إلا بالله في أنفسهم حتى نزلوا خمسة أذرع فقالوا قد بلغنا إلى موضع صلب وليس نقوى بنقره فانزلوا الحبشي فاخذ المنقار فضرب ضربة سمعنا لها طنينا شديدا ثم ضرب ثانية فسمعنا طنينا أشد ثم ضرب الثالثة فسمعنا طنينا أشد ثم صاح الغلام صيحة فقلنا اسألوه ما باله فلم يجبهم وهو يستغيث فشدوه بالحبل واخرجوه فإذا على يده من أطراف أصابعه إلى مرافقه دم وهو يستغيث لا يكلمنا ولا يحير جوابا فحملناه على بغل ورجعنا طائرين حتى انتهينا إلى عمي فأخبرناه فالتفت إلى القبلة وتاب ورجع عن مذهبه وركب بعد ذلك في الليل إلى مصعب بن جابر فسأله أن يعمل على القبر صندوقا ولم يخبره بشئ مما جرى ووجه من طم الموضع وعمر الصندوق عليه قال أبو الحسن بن حجاج رأينا هذا الصندوق الذي هذا حديثه لطيفا إلى أن قال: هذا آخر ما نقلته من خط الطوسي رض ورواه الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن عبد الرحمن الشجري باسناده نحوه، قال الفقيه صفي الدين محمد بن معد: وقد رأيت هذا الحديث بخط أبي يعلى محمد بن حمزة الجعفري صهر الشيخ المفيد والجالس بعد وفاته مجلسه أقول وقد رأيته بخط أبي يعلى الجعفري أيضا في كتابه كما ذكره صفي الدين اه المراد نقله من كلام ابن طاوس في فرحة الغري.
العمارة الثانية عمارة محمد بن زيد الحسني الملقب بالداعي الصغير صاحب بلاد الديلم وطبرستان فإنه أمر بعمارته وعمارة الحائر بكربلاء والبناء عليهما بعد سنة 279 وبنى على المشهد العلوي حصنا فيه سبعون طاقا، وهو محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي