حمل في الثالثة فصبروا له ساعة ثم انهزموا فقتل أصحاب معقل منهم سبعين رجلا من بني ناحية ومن معهم من العرب ونحوا من ثلثمائة من العلوج والأكراد وانهزم الخريت إلى أسياف البحر وبها كثير من قومه فما زال يغويهم حتى اتبعه كثير منهم وكتب معقل إلى علي بالفتح فقراه على أصحابه واستشارهم فأشاروا بان يأمر معقلا باتباع الخريت حتى يقتله أو ينفيه لأنه لا يؤمن أن يفسد الناس فكتب إلى معقل يثني عليه وعلى من معه ويأمره باتباعه وقتله أو نفيه فسار إليهم معقل حتى انتهى إلى أسياف البحر فلما سمع الخريت بمسيره قال لمن معه من الخوارج انا على رأيكم في انكار التحكيم وللآخرين من أصحابه ان عليا حكم فخلعه حكمه وكان هذا رأيه وقال للعثمانية سرا انا على رأيكم وعثمان قتل مظلوما فارضى الجميع فلما انتهى إليه معقل نصب راية أمان وقال من اتاها فهو آمن الا الخريت وأصحابه الذين حاربونا أول مرة فتفرق عن الخريت أكثر من كان معه من غير قومه وعبى معقل أصحابه وزحف نحو الخريت فقال الخريت لمن معه قاتلوا عن حريمكم وأولادكم فوالله لئن ظهروا عليكم ليقتلنكم وليسبينكم فقال له رجل من قومه هذا والله ما جرته علينا يدك ولسانك فقال سبق السيف العذل ثم حمل معقل بأصحابه فقاتلوا قتالا شديدا وصبروا له وبصر النعمان بن صهبان الراسبي بالخريت فحمل عليه وقتله وقتل معه في المعركة سبعون ومائة رجل وتفرق الباقون وسبى معقل من أدرك من حريمهم وذراريهم واخذ رجالا كثيرا فمن كان مسلما خلاه وأخذ بيعته وترك له عياله وعرض الاسلام على المرتدين فرجعوا فخلى سبيلهم وسبيل عيالهم واخذ الصدقة ممن منعها عن عامين واما غيرهم الذين ساعدوا على حربه ونقضوا عهد الذمة فاحتملهم وعيالاتهم معه وكتب إلى أمير المؤمنين ع بالفتح ومر بهم على مصقلة بن هبيرة الشيباني وهو عامل علي ع على اردشير خره وهم خمسمائة فبكى إليه النساء والصبيان وتصايح الرجال يا أبا الفضل يا حامل الثقل امنن علينا فاشترنا واعتقنا فبعث مصقلة إلى معقل أن يبيعه إياهم فباعه إياهم بخمسمائة ألف درهم ودفعهم إليه فاعتقهم وقال عجل بالمال إلى أمير المؤمنين واقبل معقل فأخبر أمير المؤمنين بما كان فقال له أحسنت وأصبت ووفقت. وابطا مصقلة بالمال وبلغ أمير المؤمنين أنه اطلقهم ولم يسألهم أن يعينوه فقال ما أظنه الا تحمل حمالة سترونه عن قريب منها مبلدا ثم كتب إليه أن يبعث إليه بالمال وانه أمر رسوله أن لا يدعه ساعة واحدة يقيم الا أن يبعث بالمال أو يحضر إلى الكوفة، وأدى مائتي ألف درهم وعجز عن الباقي وقال لذهل بن الحارث ان أمير المؤمنين يسألني هذا المال ولا أقدر عليه فقال لو شئت ما مضت جمعة حتى تحمله فقال ما كنت لأحملها قومي اما والله لو كان ابن هند ما طالبني بها ولو كان ابن عفان لوهبها لي أ ما تراه أطعم الأشعث بن قيس كل سنة من خراج آذربيجان مائة ألف فقال إن هذا لا يرى ذلك الرأي ولا يترك منها شيئا فهرب مصقلة من ليلته فلحق بمعاوية فقال أمير المؤمنين ع ما له ترحه الله فعل فعل السيد وفر فرار العبد وخان خيانة الفاجر فما أنطق مادحه حتى اسكته ولو أقام لأخذنا ميسوره وانتظرنا بماله وفوره، وهدم داره وأجاز عتق السبي وقال أعتقهم مبتاعهم وصارت أثمانهم دينا عليه وكان اخوه نعيم بن هبيرة شيعة لعلي فكتب إليه مصقلة من الشام مع رجل من تغلب اسمه حلوان أن معاوية قد وعدك الامارة والكرامة فاقبل فاخذ مالك بن كعب الأرحبي الرسول فسرحه إلى علي فقطع يده فمات وكتب نعيم إلى مصقلة من أبيات:
- لا ترمين هداك الله معترضا * بالظن منك فما بالي وحلوانا - - ما ذا أردت إلى ارساله سفها * ترجو سقاط امرئ لم يلف وسنانا - - قد كنت في منظر عن ذا ومستمع * تحمي العراق وتدعى خير شيبانا - - عرضته لعلي أنه أسد * يمشي العرضنة من آساد خفانا - - لو كنت أديت مال الله مصطبرا * للحق زكيت أحيانا وموتانا - - لكن لحقت بأرض الشام ملتمسا * فضل ابن هند وذاك الرأي اشجانا - - فاليوم تقرع سن العجز من ندم * ما ذا تقول وقد كان الذي كانا - - أصبحت تبغضك الاحياء قاطبة * لم يرفع الله بالبغضاء انسانا - فلما وقع الكتاب إليه علم أن التغلبي هلك وأتاه التغلبيون فطلبوا منه دية صاحبهم فوداه.
اخباره مع عبد الله بن العباس كان ابن عباس تلميذ أمير المؤمنين ع وخريجه مضافا إلى ما اخذه عن النبي ص ولذلك كان يسمى حبر الأمة وصحبه في حروبه كلها الجمل وصفين والنهروان وولاه البصرة وكان يعده لمهام الأمور فقد أرسله إلي أم المؤمنين بعد حرب الجمل فكان له في ذلك المقام المشهود والحجة القاطعة واراده للحكومة يوم صفين فابى أهل الجباه السود العمي القلوب وبعثه إلى الخوارج يوم النهروان فاحتج عليهم بأبلغ الحجج وكان له في نصرة أمير المؤمنين وأبنائه مواقف مشهودة منها لما مر بصفة زمزم وسمع شاميا يسب عليا ع ومنها مع عبد الله بن الزبير ومع معاوية وهو الذي كتب إلى يزيد بعد قتل الحسين ع بما كتب وكان يمسك بركاب الحسنين ع إذا ركبا وروى الكشي بسنده أنه قال لما حضرته الوفاة اللهم إني أحيا على ما حيي عليه علي بن أبي طالب وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب.
ما نسب إليه من مفارقة أمير المؤمنين ع واخذ مال البصرة قد نسب إليه انه فارق أمير المؤمنين ع واخذ مال البصرة وذهب إلى مكة وأنكر ذلك جماعة. روى الكشي في رجاله بسنده عن الزهري عن الحارث قال استعمل علي ص على البصرة عبد الله بن عباس فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وكان مبلغه ألفي ألف درهم فصعد علي ع المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال هذا ابن عم رسول الله ص في علمه وقدره يفعل مثل هذا فكيف يؤمن من كان دونه الحديث. وقال ابن الأثير في حوادث سنة 40 في هذه السنة خرج عبد الله بن عباس من البصرة ولحق بمكة في قول أكثر أهل السير وقد أنكر ذلك بعضهم وقال لم يزل عاملا عليها لعلي حتى قتل علي وشهد صلح الحسن مع معاوية ثم خرج إلى مكة والأول أصح وانما كان الذي شهد صلح الحسن عبيد الله بن عباس اه ثم ذكر سبب خروجه وهو انه مر بأبي الأسود وكان على قضاء البصرة فقال لو كنت من البهائم لكنت جملا ولو كنت راعيا لما بلغت المرعى فكتب أبو الأسود إلى أمير المؤمنين ع ان ابن عمك قد اكل ما تحت يديه بغير علمك فكتب إلى ابن عباس في ذلك فكتب إليه ابن العباس ان الذي بلغك باطل فكتب إليه أمير المؤمنين ع اعلمني ما أخذت من الجزية ومن أين أخذت وفيما وضعت فكتب إليه ابن عباس قد فهمت تعظيمك مرزأة ما بلغك اني رزأته فابعث إلى عملك من أحببت وخرج واستدعى أخواله من بني هلال بن عامر فاجتمعت معه قيس كلها فحمل