دوانيق قال حبيب فحسبناه فوجدناه كما قال فاقبل إليه عبد الله بن الحسن فقال من أين أخذت هذا قال قرأت في كتاب أمك فاطمة ثم انصرف فبعث إليه محمد بن خالد ابعث إلي بكتاب فاطمة فأرسل إليه أبو عبد الله إني إنما أخبرتك إني قرأته ولم أخبرك أنه عندي قال حبيب فجعل محمد بن خالد يقول لي ما رأيت مثل هذا قط اه قال المجلسي في رسالته ميزان المقادير: حاصل السؤال أنه قد كان في عهد النبي ص النصاب الأول من الفضة مائتي درهم فيه خمسة دراهم والآن النصاب مائتان وثمانون درهما فيه سبعة دراهم. وحاصل الجواب أن الدرهم كان في زمانه ص ستة دوانيق فكان النصاب مائتين فيها خمسة ثم تغير الدرهم فصار خمسة دوانيق فصار النصاب الأول مائتين وأربعين درهما لأنك إذا أخذت من كل درهم دانقا حصل مائتا دانق فإذا كان كل درهم خمسة دوانيق بلغت أربعين درهما وفيه ستة دراهم لأنه لما كان الدرهم ستة دوانيق كان في النصاب الأول خمسة دراهم ثلاثون دانقا فلما صار الدرهم خمسة دوانيق صارت الثلاثون دانقا ستة دراهم ثم تغير وصار وزن الدرهم أربعة دوانيق وسبعي دانق أي خمسة أسباع الدرهم الذي كان في عهده ص فصار النصاب الأول مائتين وثمانين درهما فيه سبعة دراهم. وهذا الدرهم كان شايعا في عهد المنصور ثم نبههم على ذلك بالأوقية لأنها كانت مضبوطة لم تتغير عن زمن النبي ص إلى ذلك الزمان وكان معلوما أنها كانت أربعين درهما في عهد النبي ص وكانت على وزن ستة وخمسين درهما في زمن المنصور فلما حسبوا ذلك علموا أن الاختلاف نشا من تغيير الدرهم قوله فإذا حسبت ذلك أي مقدار الأوقية في زمن النبي ص والآن علمت أن كل خمسة دراهم في زمانه ص تعادل وزن سبعة اليوم. وقوله وقد كانت على وزن ستة يعني كانت الخمسة قبل هذا التغيير الأخير ستة لأن الدرهم كان خمسة دوانيق اه توفيت سنة 11 وعمرها 18.
وجاء بعد علي ولداه الحسنان ع في مدة تقرب من عشرين سنة من سنة 40 إلى أول سنة 61.
فكانا في حرج وضيق من دولة بني أمية. ومع ذلك فقد ألف الحسن ع في العلم كما يظهر من كلام السيوطي في تدريب الراوي المتقدم أنه وأباه أول من كتب في العلم وظهر عنهما من علوم الاسلام ونفع المسلمين ما ساعدهما الوقت على نشره. ولم يكن للحسنين ع حرية القول في ملك بني أمية العضوض فلذلك قل ما روي عنهما في الفقه وأمور الدين وقد روي عن الحسن ع كلام في صفة الله تعالى يأتي في سيرته في الجزء الرابع إن شاء الله. ومر عن تدريب الراوي للسيوطي ما يدل على أن عليا وابنه الحسن أول من كتب في العلم ومر ذكر القرآن المنسوب إلى خط الحسن ع الموجود في المكتبة الرضوية. ولقي الفرزدق حين حج بأمه الحسين ع في مكان يسمى الصفاح أو بستان بني عامر قال: وسألته عن أشياء من نذور ومناسك فأخبرني بها وحرك راحلته وقال السلام عليك.
وهذا يدلنا على أنهم كانوا محلا لاستفتاء المستفتين ومرجعا في أحكام الدين.
وكفى من خدمة الحسين لدين جده أنه فداه بنفسه وأهله وأولاده وعياله لئلا يقضي عليه يزيد الفاسق الفاجر الخمير السكير اللاعب بالقرود والفهود. فأبان بذلك فضايح بني أمية ومن مهد لهم ونبه الأفكار إلى معايبهم ومخازيهم ومعاداتهم ووجه الأنظار إلى أهل البيت وفضلهم ومكانتهم في الاسلام. استشهد الحسن سنة 50 وعمره 47 واستشهد الحسين سنة 61 وعمره 56.
واشتغل أئمة أهل البيت بعد الحسنين بالهداية والارشاد ونشر علوم الدين وإقامة الحجج على التوحيد وأصول الدين وعلى استحقاقهم الإمامة وبالاحتجاج على الدهرية وعلى مخالفيهم بما أمكنهم فكونوا بذلك سلسلة دعاية متينة كان لها أثرها النافع وبذلك كثر أتباعهم ومحبوهم والمتشيعون لهم وانتشروا في أقطار الأرض رغم ما أسسه الأمويون والعباسيون من الدعاية ضدهم في نحو من ستمائة سنة بل إلى اليوم مع كون الدنيا في يدهم ومع ذلك لم يستطيعوا محو فضلهم ولا إخماد ذكرهم ولم يزل ذكرهم وفضلهم ينتشر ويشتهر حتى ملأ أقطار الأرض وكانت الدعوة لهم تشربها القلوب والأذهان ولا تمجها الطباع والاسماع فإنها موافقة للعقول والأذواق كأصل الدعوة الاسلامية فان وصفهم واصف بصفات الفضل والكمال كانوا أهلها ومستحقيها لا يمكن لأحد أن ينازعهم فيها وان فضلهم على سواهم كانت حجته ظاهرة وأدلته بينة ولم يخالفها إلا مكابر أو معاند لذلك انتشرت الدعوة لهم في جميع البلدان والشعوب ولم يكن يصدها ولا يقف في طريقها إلا الخوف وما كانت معاداة الناس لهم إلا حسدا أو خوفا على الملك.
وجاء من بعد الحسين ولده زين العابدين ع فأسدى إلى الاسلام منافع جلى في مدة تقرب من 35 سنة من سنة 61 إلى سنة 95 عاصر فيها خمسة من ملوك بني أمية يزيد بن معاوية ومعاوية بن يزيد ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك بما كان قدوة للمسلمين في زهده وورعه وعبادته حتى لقب زين العابدين والسجاد وحلمه وجميل صفاته.
وروى عنه فقهاء الاسلام من العلوم ما لا يحصى كثرة وحفظ عنه من المواعظ والأدعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العلماء وقلما يوجد كتاب زهد وموعظة لم ينقل فيه عنه.
وقد كان لزين العابدين ع بعض السعة لنشر علومه التي ورثها عن أبيه عن أجداده عن النبي ص وإن كان في دولة الملك العضوض ملك بني أمية ألد الأعداء لبني هاشم عامة ولآل علي خاصة إلا أن بني أمية بعد قتل الحسين ع لما رأوا نقمة الناس عليهم كفوا عن المجاهرة بظلم أهل البيت شيئا ما ففسح لهم المجال في نشر علومهم، وقد أمنوا أيضا بعض الأمن من مطالبتهم بالخلافة والخروج عليهم ويدل على ذلك أيضا أن أهل المدينة وفدوا على يزيد بن معاوية بعد ما بويع بالخلافة وقتل الحسين فبالغ في إكرامهم لكنهم لما رأوا فسقه وسمعوا عن قبيح أعماله مقتوه ولما عادوا إلى المدينة قالوا جئناكم من عند أكفر الناس وخرجوا عليه وأخرجوا بني أمية من المدينة فكانت وقعة الحرة التي بايع مسلم بن عقبة أهل المدينة على أنهم عبيد رق ليزيد بن معاوية إلا علي بن الحسين فإنه بايعه على أنه اخوه وابن عمه بوصية من يزيد.
فلذلك كثرت تلاميذ زين العابدين والآخذون عنه في أنواع العلوم وكانت مدرسته في داره وفي المسجد، وأخذ عنه فقهاء الحجاز وعلماؤه ومن يأتي من الآفاق للحج ودونوا ما أخذوه عنه ورواه عنهم الناس. وستعرف في سيرته أنه روى عنه الزهري وسفيان بن عيينة ونافع والأوزاعي ومقاتل والواقدي ومحمد بن أسحق وروى عنه بالواسطة الطبري وابن البيع وأحمد بن حنبل وابن بطة وأبو داود وأصحاب الحلية والأغاني وقوت القلوب وشرف