أماليه عن ابن عباس أنه قال أول ذل دخل على العرب موت الحسن ع. وفي مقاتل الطالبيين قيل لأبي إسحاق متى ذل الناس قال حيث مات الحسن وادعي زياد وقتل حجر بن عدي وكان الحسن ع شرط على معاوية في شروط الصلح أن لا يعهد إلى أحد بالخلافة بعده وأن تكون الخلافة له من بعده، قال أبو الفرج وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شئ أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص فدس إليهما سما فماتا منه أرسل إلى ابنة الأشعث أني مزوجك بيزيد ابني على أن تسمي الحسن وبعث إليها بمائة ألف درهم فسوغها المال ولم يزوجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيروهم وقالوا يا بني مسمة الأزواج وكان ذلك بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب قال قتادة وأبو بكر بن حفص: سم الحسن بن علي سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي وقالت طائفة كان ذلك منه بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك ا ه، وقال المدائني دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن وقال لها ان قتلته بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد ابني فمرض أربعين يوما فلما مات وفى لها بالمال ولم يزوجها من يزيد وقال اخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله ص، وقال المفيد: لما تم لمعاوية عشر سنين من إمارته وعزم على البيعة لابنه يزيد دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس وكانت زوجة الحسن ع من حملها على سمه وضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد فأرسل إليها مائة ألف درهم فسقته جعدة السم فبقي أربعين يوما ومضى لسبيله، وفي تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي قال علماء السير منهم ابن عبد البر سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي وقال الشعبي دس إليها معاوية فقال سمي الحسن وأزوجك يزيد وأعطيك مائة ألف درهم فلما مات الحسن بعث إليها بالمال ولم يزوجها بيزيد قال وحكى جدي في كتاب الصفوة قال ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه أن جعدة هي التي سمته وقال الشاعر في ذلك:
- تعزفكم لك من سلوة * تفرج عنك غليل الحزن - - بموت النبي وقتل الوصي * وقتل الحسين وسم الحسن - وقال الصادق ع أن الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين ع وابنته جعدة سمت الحسن ع وابنه محمد شرك في دم الحسين ع.
وصية الحسن بن علي إلى أخيه الحسين ع رواها الشيخ الطوسي في أماليه عن ابن عباس: هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنه يعبده حق عبادته لا شريك له في الملك ولا ولي له من الذل وأنه خلق كل شئ فقدره تقديرا وأنه أولى من عبد وأحق من حمد من أطاعه رشد ومن عصاه غوى ومن تاب إليه اهتدى فاني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم وتقبل من محسنهم وتكون لهم خلفا ووالدا وأن تدفنني مع رسول الله ص فاني أحق به وببيته فان أبوا عليك فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز وجل منك والرحم الماسة من رسول الله ص ان لا تهريق في أمري محجمة من دم حتى نلقى رسول الله ص فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس إلينا.
وروى الحاكم في المستدرك أنه لما توفي أقام نساء بني هاشم النوح عليه شهرا، وعن أبي جعفر قال مكث الناس يبكون على الحسن بن علي وعطلت الأسواق، قال الشيخ الطوسي في الأمالي: فلما توفي دعا الحسين ابن عباس وعبد الرحمن بن جعفر وعلي بن عبد الله بن عباس فأعانوه على غسله وحنطوه والبسوه أكفانه وخرجوا به إلى المسجد فصلوا عليه وقال المفيد: لما مضى لسبيله غسله الحسين ع وكفنه وحمله على سريره ولم يشك مروان ومن معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند رسول الله ص فتجمعوا لذلك ولبسوا السلاح فلما توجه به الحسين ع إلى قبر جده رسول الله ص ليجدد به عهدا أقبلوا إليهم في جمعهم ولحقتهم عائشة على بغل وهي تقول ما لي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب وجعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة. أ يدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف، وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم وبني أمية، وقال سبط ابن الجوزي:
قال ابن سعد عن الواقدي لما احتضر الحسن قال ادفنوني عند أبي يعني رسول الله ص فأراد الحسين ع ان يدفنه في حجرة رسول الله ص فقامت بنو أمية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وكان واليا على المدينة فمنعوه وقامت بنو هاشم لتقاتلهم فقال أبو هريرة أ رأيتم لو مات ابن لموسى أ ما كان يدفن مع أبيه قال ابن سعد ومنهم أيضا عائشة وقالت لا يدفن مع رسول الله ص أحد. وقال أبو الفرج الأصبهاني: قال يحيى بن الحسن:
سمعت علي بن طاهر بن زيد يقول لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا واستعونت بني أمية ومروان ومن كان هناك منهم ومن حشمهم وهو قول القائل: فيوما على بغل ويوما على جمل. قال المفيد في تتمة الخبر السابق: فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له إرجع يا مروان من حيث جئت ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله ص لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيته بذلك إلى آخر كلامه وقال الحسين ع: والله لولا عهد الحسن بحقن الدماء وإن لا أهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا. ومضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
ولما بلغ معاوية موت الحسن ع سجد وسجد من حوله وكبر وكبروا معه، ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار وابن عبد البر في الاستيعاب وغيرهما فقال بعض الشعراء:
- أصبح اليوم ابن هند شامتا * ظاهر النخوة إذ مات الحسن - - يا ابن هند ان تذق كأس الردى * تك في الدهر كشئ لم يكن - - لست بالباقي فلا تشمت به * كل حي للمنايا مرتهن - ولما أتى نعيه إلى البصرة وذلك في أمار زياد بن سمية بكى الناس فسمع الضجة أبو بكرة أخو زياد وكان مريضا فقال ما هذا فقالت له زوجته وكانت ثقفية مات الحسن بن علي والحمد لله الذي أراح الناس منه فقال اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شر كثير وفقد الناس بموته خيرا كثيرا يرحم الله حسنا. ذكره المدائني.
وكانت وفاته ع بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر وقيل في السابع منه وقيل لخمس بقين من ربيع الأول وفي رواية الحاكم