وثمانين درهما حكاه في الاستيعاب ويدل عليه قول الحسين ع في خبر خطبة مروان أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية: لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله ص في بناته ونسائه وأهل بيته وهو اثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة وثمانين درهما وفي رواية أن عليا ع باع بعيرا له بذلك المقدار وفي أخرى أن المهر كان درع حديد تسمى الحطمية فباعها بهذا المقدار وفي ثالثة أنه كان درع حديد وبردا خلقا والظاهر أنه باع ذلك ودفعه في المهر كما تدل عليه بعض الروايات لا أن ذلك بعينه كان مهرا. فليعلم الذين يغالون في المهور انهم قد خالفوا السنة النبوية.
جهاز الزهراء عند تزويجها فجاء علي بالدراهم فصبها بين يدي رسول الله ص فامر رسول الله ص أن يجعل ثلثها في الطيب اهتماما بأمر الطيب وثلثها في الثياب وقبض قبضة كانت ثلاثة وستين أو ستة وستين لمتاع البيت ودفع الباقي إلى أم سلمة فقال أبقيه عندك، وأرسل أبا بكر وقال ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت وأردفه بعمار وعدة من أصحابه فكانوا يعرضون الشئ على أبي بكر فان استصلحه اشتروه. بأبي أنت وأمي يا رسول الله بلغ من اهتمامك بجهاز فاطمة عند تزويجها أن ترسل جماعة من أصحابك برئاسة أبي بكر لشراء جهازها وما يبلغ ما أعطيتهم من المال لشراء الجهاز سواء أ كان الثلث من خمسمائة درهم أم أقل أم كان قبضة بكلتا يديك كما في بعض الأخبار. هذه فاطمة وهذا علي لا تزيدهما كثرة المال شرفا ولا تنقص قلته من شرفهما، هي سيدة النساء وهو سيد الرجال، فما يصنعان بالمال وما يصنع بهما. فكان مما اشتروه قميص بسبعة دراهم وخمار بأربعة دراهم وقطيفة سوداء خيبرية وهي دثار له خمل وسرير مزمل ملفوف بشريط خوص مفتول وفراشان من خيش مصر وهو مشاقة الكتان حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من صوف الغنم وأربع مرافق متكئات من أدم الطائف والأدم الجلد حشوها إذخر نبات طيب الرائحة وستر رقيق من صوف وحصير هجري معمول بهجر قرية بالبحرين ورحى لليد.
ومخضب من نحاس اناء لغسل الثياب وسقاء من أدم قربة صغيرة وقعب قدح من خشب للبن وشن للماء قربة صغيرة عتيقة لتبريد الماء ومطهرة اناء يتطهر به مزفتة وجرة خضراء وكيزان خزف ونطع من أدم بساط من جلد وعباءة قطوانية وهي عباءة قصيرة الخمل معمولة بقطوان موضع بالكوفة وقربة للماء. فلما وضع ذلك بين يدي النبي ص جعل يقلبه بيده ويقول اللهم بارك لأهل البيت، وفي رواية أنه بكى وقال اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزف. ولم يكن بكاؤه أسفا على ما فاتهم من زخارف الدنيا الفانية ولكنها رقة طبيعية تعرض للوالد في مثل هذه الحال وكان من تجهيز علي داره انتشار رمل لين ونصب خشبة من حائط إلى حائط وبسط اهاب كبش ومخدة ليف وقربة ومنخل ومنشفة وقدح. هكذا كان جهاز سيدة النساء وجهاز بيت سيد الأوصياء، وهو مما يدلنا على هوان الدنيا على الله، وما ضر عليا وفاطمة ولا أنقص من عزهما أن يكون جهاز فاطمة في عرسها قميص بسبعة دراهم وخمار بأربعة وقطيفة سوداء لكنها خيبرية وعباءة بيضاء لكنها قطوانية وحصير لكنه هجري، ولا بد أن يكون ما صنع بخيبر أجود مما يصنع بالمدينة، وما صنع بقطوان وهجر أجود مما يصنع بالحجاز، فلذلك اختيرت هذه لجهاز العرس، وسرير من جريد النخل لا من ساج ولا آبنوس ولا شئ من المعادن، مشبك بخوص النخل المفتول ولم يزين بعاج ولا ذهب ولا فضة، وفراشان من مشاقة الكتان حشو أحدهما ليف، ومتكات من الجلود محشوة بنبات الأرض، ونطع من جلد لا من طنافس إيران، وستر من صوف، ورحى لتطحن بها سيدة النساء لقوتها وقوت علي وقد يساعدها علي على الطحن، واناء نحاس لتغسل فيه الثياب وربما عجنت فيه، وقربة صغيرة واخرى كبيرة لتستقي بها، وقربة صغيرة عتيقة لتبريد الماء، ووعاء مصنوع من ورق النخل مزفت تغسل به يديها ويدي ابن عمها، وقدح من خشب لا من الصيني، وجرة لكنها خضراء والخضراء أجود من سواها ولذلك أختيرت لجهاز العرس، وكيزان من الفخار، ولم يكن في جهازها أساور ولا أقراط من ذهب ولا فضة ولا عقود من جواهر أو لؤلؤ بل تزينت بحلي مستعار وأن يكون تجهيز علي بيته المعد لعرسه بفرش رمل في داره لكنه لين لا خشن طبعا لأنه معد للعرس فلا يناسب أن يكون خشنا، ونصب خشبة من حائط إلى حائط لتعليق الثياب فهي ثياب العرس لا يوافق أن توضع على الأرض، وبسط جلد كبش ومخدة ليف وقربة ومنخل لتنخل به الزهراء الدقيق الذي تطحنه ومنشفة وقدح، ويمكن أن هذه كلها كانت عنده وهي أثاث بيته ولم يشتر منها شيئا ولذلك لم يكتف بالقربة التي كانت في جهاز الزهراء وهو ع قد باع درعه لأداء المهر فلم يكن عنده شئ من المال لشراء شئ.
ما ضر عليا وفاطمة ولا انقص من عزهما أن يكون جهاز عرسهما ما ذكرناه وهو سيد الأوصياء وهي سيدة النساء ابنة سيد الأنبياء.
زفاف الزهراء على علي ع فلما كان بعد نحو من شهر قال جعفر وعقيل لأخيهما علي أو عقيل وحده ألا تسأل رسول الله ص أن يدخل عليك أهلك قال الحياء يمنعني، فاقسم عليه أن يقوم معه فقاما واعلما أم أيمن فدخلت إلى أم سلمة فأعلمتها وأعلمت نساء النبي ص فاجتمعن عنده وقلن فديناك بآبائنا وأمهاتنا انا قد اجتمعنا لأمر لو كانت خديجة في الأحياء لقرت عينها، قالت أم سلمة فلما ذكرنا خديجة بكى وقال: خديجة وأين مثل خديجة صدقتني حين كذبني الناس ووازرتني على دين الله وأعانتني عليه بمالها، إن الله عز وجل امرنى أن ابشر خديجة ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب، قالت أم سلمة فديناك بآبائنا وأمهاتنا انك لم تذكر من خديجة أمرا الا وقد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها فهنأها الله بذلك وجمع بيننا وبينها في جنته، يا رسول الله هذا أخوك وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن تدخل عليه زوجته قال حبا وكرامة، فدعا بعلي فدخل وهو مطرق حياء وقمن أزواجه فدخلن البيت فقال أ تحب أن ادخل عليك زوجتك فقال وهو مطرق أجل فداك أبي وأمي فقال ادخلها عليك إن شاء الله ثم التفت إلى النساء وقال من ههنا فقالت أم سلمة انا أم سلمة وهذه زينب وفلانة وفلانة فامرهن أن يزين فاطمة ويطيبنها ويصلحن من شأنها في حجرة أم سلمة وان يفرشن لها بيتا كان قد هياه علي ع بالأجرة وكان بعيدا عن بيت النبي ص قليلا فلما بنى بها حوله إلى بيت قريب منه ففعلن النسوة ما امرهن وعلقن عليها من حليهن وطيبنها. فانظر في هذا الخبر تجد أن أم سلمة كانت المقدمة في هذا الأمر فأم أيمن جاءت إليها ولم يذكر اسم امرأة غيرها وهي وحدها كانت المخاطبة للنبي ص في شأن خديجة والمثنية عليها والمسلية عنها بأسلوبها البديع الرقيق وهي التي خاطبته في شأن ادخال الزهراء على علي ع