وقيل وضعهم ابن الحضرمي على قتله وكان معهم فقتلوا غيلة وكتب زياد إلى علي السلام بذلك فأرسل جارية بن قدامة السعدي مع جماعة فقرأ عليهم كتاب علي ع يوبخهم ويتهددهم بالمسير إليهم والإيقاع بهم وقعة لا تكون وقعة الجمل عندها شيئا وسار جارية إلى ابن الحضرمي ومعه الأزد ومن غارة الضحاك بن قيس الفهري على الحاج ونهبه الأموال وقتله النفوس البريئة بأمر معاوية بعد الحكمين وقبل وقعة النهروان في شرح النهج (1) روى إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات ان غارة الضحاك بن قيس كانت بعد الحكمين وقبل قتال النهروان وذلك أن معاوية لما بلغه ان عليا ع بعد واقعة الحكمين تحمل إليه مقبلاها له ذلك فخرج من دمشق معسكرا وبعث إلى كور الشام نسخة واحدة فقرئت على الناس وفيها انا كنا كتبنا كتابا بيننا وبين علي وشرطنا فيه شروطا وحكمنا رجلين يحكمان علينا وعليه بحكم الكتاب لا يعدوانه وجعلنا عهد الله وميثاقه على من نكث العهد ولم يمض الحكم وان حكمي اثبتني وحكمه خلعه وقد اقبل إليكم ظالما ومن نكث فإنما ينكث على نفسه تجهزوا للحرب بأحسن الجهاز يسرنا الله وإياكم لصالح الأعمال.
فاجتمع إليه الناس فاستشار أصحابه وقال إن عليا قد خرج من الكوفة وعهد العاهد به انه قد فارق النخيلة فأشار حبيب بن مسلمة بالذهاب إلى صفين وأشار عمرو بن العاص بالايغال في الجزيرة فمكثوا يومين أو ثلاثة يجيلون الرأي حتى قدمت عليهم عيونهم ان عليا فارقته فرقة أنكروا أمر التحكيم وانه قد رجع عنكم إليهم فكبر الناس سرورا بذلك ثم جاء الخبر بقتل الخوارج وان عليا أراد بعد قتلهم ان يقبل إليكم ولكن أصحابه استنظروه فسروا بذلك. قال الطبري: وكان عمارة بن عقبة بن أبي معيط مقيما بالكوفة بعد قتل عثمان لم يهجه علي ولم يذعره تكرما منه وتمسكا بالدين وكان يكتب إلى معاوية بالاخبار سرا وروى ابن إسحاق انه جاء كتاب عمارة إلى معاوية وهو معسكر بان عليا خرج عليه قراء أصحابه ونساكهم فقتلهم وقد فسد عليه جنده قال فدعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري فسرحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف وقال سر حتى تمر بناحية الكوفة وترتفع عنها ما استطعت فمن وجدته من الاعراب في طاعة علي فاغر عليه وان وجدت له مسلحة أو خيلا فاغر عليها فاقبل الضحاك فنهب الأموال وقتل من لقي من الأعراب حتى مر بالثعلبية فأغار على الحاج فاخذ أمتعتهم ثم لقي عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود الصحابي فقتله في طريق الحاج عند القطقطانة وقتل معه ناسا من أصحابه اه وكان ذلك كله اجتهادا يثاب فاعله!! فخطب أمير المؤمنين ع الناس وأنبههم وحثهم على الخروج إلى عدوهم فردوا عليه ردا ضعيفا ورأى منهم عجزا وفشلا ثم نزل فخرج يمشي حتى بلغ الغريين ثم دعا حجر بن عدي الكندي فعقد له أربعة آلاف فخرج حجر حتى مر بالسماوة وهي أرض كلب فلقي بها امرأ القيس بن عدي الكلبي وهم أصهار الحسين ع لأن الحسين ع كان متزوجا الرباب ابنة امرئ القيس هذا فكانوا أدلاءه على الطريق وعلى المياه فلم يزل مغذا في اثر الضحاك حتى لقيه بناحية تدمر فواقعه فاقتتلوا ساعة فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلا وقتل من أصحاب حجر رجلان وحجز الليل بينهم فلما أصبحوا لم يجدوا للضحاك ولا لأصحابه أثرا اه.
اخباره مع أخيه عقيل قال ابن أبي الحديد في شرح النهج (2): لم يشهد عقيل مع أخيه أمير المؤمنين شيئا من حروبه أيام خلافته وعرض نفسه وولده عليه فأعفاه ولم يكلفه حضور الحرب ثم قال واختلف الناس في عقيل هل التحق بمعاوية وأمير المؤمنين حي فقال قوم نعم ورووا ان معاوية قال يوما وعقيل عنده هذا أبو يزيد لولا علمه إني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه فقال عقيل أخي خير لي في ديني وأنت خير لي في دنياي وقد آثرت دنياي واسال الله خاتمة خير. وقال أيضا (3): روي أن عقيلا قدم على أمير المؤمنين فوجده جالسا في صحن مسجد الكوفة فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته وكان عقيل قد كف بصره فقال والسلام عليك يا أبا يزيد ثم التفت إلى ابنه الحسن فقال قم فأنزل عمك فقام فزله إليه ثم عاد فقال اذهب فاشتر لعمك قميصا جديدا ورداء جديدا وازارا ونعلا جديدا فذهب فاشترى له فغدا عقيل على علي ع في الثياب فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين قال وعليك السلام يا أبا يزيد قال يا أمير المؤمنين ما أراك أصبت من الدنيا شيئا واني لا ترضى نفسي من خلافتك ما رضيت به لنفسك فقال يا أبا يزيد يخرج عطائي فادفعه إليك فلما ارتحل عن أمير المؤمنين اتى معاوية فامر له بمائة ألف فقبضها ثم غدا عليه يوما بعد ذلك وبعد وفاة أمير المؤمنين وبيعة الحسن لمعاوية الحديث ثم قال ابن أبي الحديد في تتمة كلامه السابق: وقال قوم انه لم يأت إلى معاوية الا بعد وفاة أمير المؤمنين ع واستدلوا على ذلك بالكتاب الذي كتبه إليه في آخر خلافته والجواب الذي اجابه به ع قال وهذا القول هو الاظهر عندي اه وأشار بالكتاب والجواب إلى ما رواه ابن إسحاق في كتاب الغارات قال كتب عقيل بن أبي طالب إلى أخيه أمير المؤمنين ع في اثر وقعة الضحاك بن قيس حين بلغه خذلان أهل الكوفة وتقاعدهم به ومر ذكر غارة الضحاك آنفا.
كتاب عقيل إلى أمير المؤمنين بعد وقعة الضحاك لعبد الله علي أمير المؤمنين من عقيل بن أبي طالب سلام عليك فاني احمد إليك الله الذي لا إله إلا هو اما بعد فان الله حارسك من كل سوء وعاصمك من كل مكروه وعلى كل حال اني قد خرجت إلى مكة معتمرا فلقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء فعرفت المنكر في وجوههم فقلت إلى أين يا أبناء الشانئين أ بمعاوية تلحقون عداوة والله منكم قديمة غير مستنكرة تريدون بها اطفاء نور الله وتبديل امره فاسمعني القوم وأسمعتهم فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون ان الضحاك بن قيس أغار على الحيرة فاحتمل من أموالها ما شاء ثم انكفا راجعا سالما فاف لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك وما الضحاك فقع بقرقر وقد توهمت حين بلغني ذلك ان شيعتك وأنصارك خذلوك فاكتب إلي يا ابن أمي برأيك فان كنت الموت تريد تحملت إليك ببني أخيك وولد