رجال من قومي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فنبتاع منك طعاما وتمرا فسكن إلى قوله وقال جئ بهم متى شئت فخرج من عنده على ميعاد فأخبر أصحابه فاتوه في ليلة مقمرة حتى انتهوا إلى حصنه فهتف به أبو نائلة فوثب فأخذت امرأته بملحفته وقالت أين تذهب انك رجل محارب وإن أصحاب الحرب لا ينزلون في مثل هذه الساعة، وكان حديث عهد بعرس فقال: ميعاد علي، وانما هو أخي أبو نائلة لو وجدني نائما لا يوقظني فقالت والله إني لأعرف في صوته الشر فضرب بيده الملحفة وقال: لو دعي الفتى لطعنة أجاب. ثم نزل إليهم فحادثوه ساعة حتى انبسط إليهم وأنس بهم ثم اخذ أبو نائلة بشعره وقال اقتلوا عدو الله فضربوه بأسيافهم فالتفت عليه فلم تغن شيئا ورد بعضها بعضا ولصق بأبي نائلة فاخرج أبو نائلة مغولا وهو سيف دقيق فوضعه في سرته ثم حامل عليه حتى انتهى إلى عانته فصاح صيحة ما بقي أطم من آطام يهود إلا اوقدت عليه نار ثم حزوا رأسه وحملوه معهم وقيل طعنه أحدهم في خاصرته وضربه محمد بن مسلمة بالسيف فقتلوه ولما صاح صاحت امرأته يا آل قريظة والنضير مرتين فخرجت اليهود فأخذت على غير طريقهم ففاتوهم وأصبحت يهود مذعورين فاتوا النبي ص فقالوا قتل سيدنا غيلة فذكر لهم تحريضه عليه وأذيته للمسلمين فازدادوا خوفا ثم كتب بينه وبينهم صلحا قال ابن سعد في الطبقات وكان ذلك الكتاب مع علي بن أبي طالب.
سرية قتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق النضيري بخيبر في شهر رمضان سنة ست من الهجرة وكان تاجر أهل الحجاز وقد اجلب في غطفان ومن حوله من مشركي العرب وجعل لهم الحفل العظيم لحرب رسول الله ص وكان يؤذي النبي ص فلما قتلت الأوس كعب بن الأشرف أرادت الخزرج أن تقتل مشابهه في عداوة رسول الله ص فبعث رسول الله ص عبد الله بن عتيك وأربعة معه لقتله فذهبوا إلى خيبر فكمنوا فلما هدأت الرجل جاءوا إلى منزله وقدموا عبد الله بن عتيك لأنه كان يرطن باليهودية فاستفتح وقال جئت أبا رافع بهدية ففتحت له امرأته فدخلوا عليه فما عرفوه الا ببياضه كأنه قبيطة فقتلوه وقيل دنوا من خيبر وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم فقال عبد الله لأصحابه اجلسوا مكانكم فاني منطلق ومتلطف للبواب لعلي ادخل فاقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة فقال له البواب وهو يظنه من أهل الحصن يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فاني أريد أن أغلق الباب فدخل وكمن وأغلق البواب الباب وعلق المفاتيح قال ثم اخذتها وفتحت الباب فلما ذهب عن أبي رافع أهل سمره صعدت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو قلت أبا رافع قال من هذا فأهويت نحو الصوت فضربته بالسيف فما أغنت شيئا وصاح فخرجت من البيت ثم عدت فقلت ما هذا الصوت يا أبا رافع قال لأمك الويل إن رجلا في البيت ضربني بالسيف، فضربته أخرى فلم تغن شيئا فتواريت ثم جئته كالمغيث فإذا هو مستلق فوضعت السيف في بطنه وتحاملت عليه حتى سمعت صوت العظم وفي رواية حتى سمعت خشه في الفراش ثم جئت إلى الدرجة فوقعت فانكسرت رجلي وفي رواية انخلعت فعصبتها بعمامتي وصاحت امرأته فتصايح أهل الدار واختبأ القوم في بعض الأنهار وخرج الحارث أبو زينب في ثلاثة آلاف في آثارهم يطلبونهم بالنيران فلم يروهم فرجعوا ومكثوا في مكانهم حتى سكن الطلب ثم اتوا المدينة بعد ما علموا أن أبا رافع قتل.
سرية ذات السلسلة أو ذات السلاسل قال ابن شهرآشوب في المناقب السلاسل اسم ماء اه ويقال سرية وادي الرمل وهذه ذكرها المفيد في الارشاد في موضعين أحدهما بعد غزوة قريظة وقبل غزوة بني المصطلق وثانيهما بعد غزوة تبوك فقال في الأول: وقد كان من أمير المؤمنين ع في غزوة وادي الرمل ويقال انها كانت تسمى بغزوة ذات السلسلة ما حفظه العلماء ودونه الفقهاء ونقله أصحاب الآثار ونقلة الأخبار ثم ذكر ما حاصله إن أصحاب السير ذكروا أن النبي ص أتاه أعرابي فقال إن قوما من العرب عملوا على أن يبيتوك بالمدينة فخطب الناس وأخبرهم وقال من للوادي فقام رجل من المهاجرين فقال أنا له فناوله اللواء وخرج في سبعمائة رجل فوافاهم ضحوة فدعاهم إلى الاسلام أو القتال فقالوا له ارجع إلى صاحبك فانا في جمع لا تقوم له فرجع فقال ص من للوادي فقام رجل من المهاجرين فقال انا له فدفع إليه الراية ومضى ثم عاد كمثل ما عاد صاحبه الأول فقال ص أين علي بن أبي طالب فقال ها انا ذا قال امض إلى الوادي قال نعم وكانت له عصابة لا يتعصب بها الا إذا بعثه ص في وجه شديد فطلبها من فاطمة فبكت إشفاقا عليه فدخل ص فقال أ تخافين أن يقتل بعلك كلا إن شاء الله فقال علي لا تنفس علي بالجنة يا رسول الله ثم خرج باللواء حتى وافاهم بسحر فأقام حتى أصبح وصلى بأصحابه الغداة وصفهم واتكأ على سيفه وقال للعدو يا هؤلاء أنا رسول رسول الله ص إليكم أن تقولوا لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والا لأضربنكم بالسيف قالوا ارجع كما رجع صاحباك قال أنا لا أرجع لا والله حتى تسلموا أو أضربكم بسيفي هذا أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب فاضطربوا لما عرفوه ثم اجترأوا على مواقعته فواقعهم فقتل منهم ستة أو سبعة وانهزم المشركون وظفر المسلمون وحازوا الغنائم فامر رسول الله ص الناس أن يستقبلوا عليا ع فقام المسلمون له صفين مع رسول الله ص فلما رأى النبي ص ترجل عن فرسه واهوى إلى قدميه يقبلهما فقال له اركب فان الله تعالى ورسوله عنك راضيان فبكى علي ع فرحا وانصرف إلى منزله ثم قال لولا انني أشفق أن تقول فيك طوائف ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ منهم الا أخذوا التراب من تحت قدميك. قال المفيد: وقد ذكر كثير من أصحاب السير أنه في هذه الغزاة نزل على النبي ص والعاديات ضبحا الآية. وقال في الموضع الثاني ثم كانت غزاة السلسلة وذلك أن أعرابيا أتى النبي ص فقال وذكر نحو ما مر ثم قال ما حاصله فقام جماعة من أهل الصفة فاقرع بينهم فخرجت القرعة على ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم فاستدعى بعض المهاجرين فقال له خذ اللواء وامض إلى بني سليم فإنهم قريب من الحرة فمضى حتى قارب أرضهم وكانت كثيرة الحجارة والشجر وهم ببطن الوادي والمنحدر إليه صعب فلما أراد الانحدار خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من المسلمين جمعا كثيرا فعقد ص لآخر من المهاجرين فكمنوا له تحت الحجارة والشجر فلما ذهب ليهبط خرجوا إليه فهزموه فساء ذلك رسول الله ص، فقال عمرو بن العاص: ابعثني يا رسول الله إليهم فان الحرب خدعة فلعلي اخدعهم فبعثه مع جماعة فلما صار إلى الوادي خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من أصحابه جماعة ثم دعا عليا ع فعقد له ثم قال أرسلته كرارا غير فرار ثم رفع يديه إلى السماء يدعو له وشيعه إلى مسجد الأحزاب وعلي على فرس أشقر مهلوب عليه بردان يمانيان وفي يده قناة خطية وانفذ معه المرسلين أولا وعمرو بن العاص فسار بهم نحو العراق ثم