نفوسكم ان تحثوا على رسول الله التراب واخذت من تراب القبر الشريف ووضعته على عينيها وأنشأت تقول:
- ما ذا علي من شم تربة أحمد * ان لا يشم مدى الزمان غواليا - - صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الأيام عدن لياليا - قال ابن سعد وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف أخت مسطح بن أثاثة ترثي النبي ص:
- أشاب ذؤابتي وأذل ركني * بكاؤك فاطم الميت الفقيدا - - فأعطيت العطاء فلم تكدر * وأخدمت الولائد والعبيدا - - وكنت ملاذنا في كل لزب * إذا هبت شامية برودا - - وانك خير من ركب المطايا * وأكرمهم إذا نسبوا جدودا - - أ فاطم فاصبري فلقد أصابت * رزيتك التهائم والنجودا - - وكان الخير يصبح في ذراه * سعيد الجد قد ولد السعودا - وقالت هند بنت أثاثة أيضا:
- قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب - - إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * فاحتل لقومك وأشهدهم ولا تغب - - قد كنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب - - وكان جبريل بالآيات يحضرنا * فغاب عنا وكل الغيب محتجب - - فقد رزئت أبا سهلا خليقته * محض الضريبة والاعراق والنسب - وقالت صفية بنت عبد المطلب ترثي رسول الله ص:
- ألا يا رسول الله كنت رجاءنا * وكنت بنا برا ولم تك جافيا - - وكنت رحيما هاديا ومعلما * ليبك عليك اليوم من كان باكيا - - كان على قلبي لذكر محمد * وما خفت من بعد النبي المكاويا - - أ فاطم صلى الله رب محمد * على جدث امسى بيثرب ثاويا - - فدى لرسول الله أمي وخالتي * وعمي وآبائي ونفسي وماليا - - صدقت وبلغت الرسالة صادقا * ومت صليب العود أيلج صافيا - - عليك من الله السلام تحية * وأدخلت جنات من العدن راضيا - وقال حسان بن ثابت يرثى النبي ص فيما حكاه ابن هشام عن أبي زيد الأنصاري:
- بطيبة رسم للرسول ومعهد * منير وقد تعفو الرسوم وتهمد - - وواضح آثار وباقي معالم * وربع له فيه مصلى ومسجد - - عرفت بها رسم الرسول وعهده * وقبرا بها واراه في الترب ملحد - - أطالت وقوفا تذرف العين جهدها * على طلل القبر الذي فيه احمد - - فبوركت يا قبر الرسول وبوركت * بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد - - وبورك لحد منك ضمن طيبا * عليه بناء من صفيح منضد - - لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة * عشية علوه الثرى لا يوسد - - وهل عدلت يوما رزية هالك * رزية يوم مات فيه محمد - - تقطع فيه منزل الوحي عنهم * وقد كان ذا نور يغور وينجد - - امام لهم يهديهم الحق جاهدا * معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا - - عفو عن الزلات يقبل عذرهم * وان يحسنوا فالله بالخير أجود - - وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله * فمن عنده تيسير ما يتشدد - - عزيز عليه ان يجوروا عن الهدى * حريص على أن يستقيموا ويهتدوا - - فبينا هم في ذلك النور إذ غدا * إلى نورهم سهم من الموت مقصد - - فبكى رسول الله يا عين عبرة * ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد - - وما لك لا تبكين ذا النعمة التي * على الناس منها سابغ يتغمد - - فجودي عليه بالدموع وأعولي * لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد - - وما فقد الماضون مثل محمد * ولا مثله حتى القيامة يفقد - - أعف وأوفى ذمة * بعد ذمة وأقرب منه نائلا لا ينكد - - وامنع ذروات وأثبت في العلا * دعائم عز شاهقات تشيد - - وأثبت فرعا في العروق ومنبتا * وعودا غذاه المزن فالعود أغيد - - رباه وليدا فاستتم تمامه * على أكرم الخيرات رب ممجد - - تناهت وصاة المسلمين بكفه * فلا العلم محبوس ولا الرأي يفند - - أقول ولا يلفى لقولي عائب * من الناس الا عازب العقل مبعد - - وليس هوائي نازعا عن ثنائه * لعلي به في جنة الخلد اخلد - وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يرثي النبي ص:
- أرقت فبات ليلي لا يزول * وليل أخي المصيبة فيه طول - - وأسعدني البكاء وذاك فيما * أصيب المسلمون به قليل - - لقد عظمت رزيتنا وجلت * عشية قيل قد قبض الرسول - - وأضحت ارضنا مما عراها * تكاد بنا جوانبها تميل - - فقدنا الوحي والتنزيل فينا * يروح به ويغدو جبرائيل - - وذاك أحق ما سالت عليه * نفوس الناس أو كادت تسيل - - نبي كان يجلو الشك عنا * بما يوحى إليه وما يقول - - ويهدينا فلا نخشى ضلالا * علينا والرسول لنا دليل (1) - ملاحظة في كتاب الدكتور هيكل يقول في ص 60 61 62 من الطبعة الثالثة ما حاصله ان يلقي على عاتق علماء الاسلام القيام بالمباحث الإسلامية لإقناع المستشرقين بدقة ونزاهة ثم قال: وعندي ان القيام به على وجه صالح يقتضي التفريق بين فترتين مختلفتين من تاريخ الاسلام اولهما من بدء الاسلام إلى مقتل عثمان الثانية من مقتل عثمان إلى أن اقفل باب الاجتهاد ففي الفترة الأولى بقي اتفاق المسلمين تاما لم تغير منه روايات الاختلاف على الخلافة ولا حرب الردة ولا الفتوحات اما بعد مقتل عثمان فقد دب الخلاف بين المسلمين وقامت الحروب الأهلية بين علي ومعاوية واستمرت الثورات ظاهرة وخفية ولعبت الأهواء السياسية دورا خطيرا في الحياة السياسية نفسها، ثم وازن بين خطبة لأبي بكر وخطبة للمنصور وقال إن الموازن بينهما يرى مدى التغير العظيم في القواعد الأساسية للحياة الاسلامية في أقل من قرنين تغيرا نقلها من الشورى بين المسلمين إلى الحكم المطلق. ثم قال إن الفترة الأولى هي التي تقررت فيها القواعد الصحيحة للحياة الاسلامية وهي وحدها التي يمكن الاعتماد على ما وقع فيها لمعرفة هذه القواعد الصحيحة اما بعد الفترة فعلى الرغم من ازدهار العلم أيام الأمويين وخاصة أيام العباسيين قد اندست يد العبث بهذه القواعد الأساسية الصحيحة لتقيم مقامها قواعد كثيرا ما تتنافى مع روح الإسلام تحقيقا لأغراض سياسية شعوبية وكان الأعاجم والذين تظاهروا بالاسلام من اليهود والنصارى هم الذين روجوا لهذه القواعد الجديدة غير متورعين عن