وهو يومئذ بحمص ماش في نذر عليه ان ظهرت الروم على فارس ان يمشي من القسطنطينية إلى إيليا القدس فلما أخذ قيصر الكتاب وجد عليه عنوان كتب العرب فدعا ترجمان العربية فقرأه فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى اما بعد فاني أدعوك بدعاية الاسلام، أسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين فان توليت فإنما عليك إثم الكارين (1) ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون.
وقال قيصر: انظروا لنا من قومه أحدا نسأله عنه وكان أبو سفيان بغزة مع رجال من قريش في تجارة زمن هدنة الحديبية قال فاتانا رسول قيصر فانطلق بنا إليه وهو في بيت المقدس وعليه التاج وعظماء الروم حوله فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب نسبا لهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فقال أبو سفيان انا فقال ما قرابتك منه قال ابن عمي قال ادن مني ثم أمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري وقال لهم انما جعلتكم خلف ظهره لتردوا عليه إذا كذب قال أبو سفيان فوالله لولا الحياء ان يردوا علي لكذبت فصدقت وانا كاره لبغضي إياه ومحبتي نقصه ثم قال لترجمانه قل له كيف نسب هذا الرجل فيكم قلت هو منا ذو نسب قال هل قال هذا القول أحد منكم قبله قلت لا قال هل كنتم تتهمونه بالكذب قلت لا قال هل كان من آبائه ملك قلت لا قال كيف عقله ورأيه قلت لم نعب عليه عقلا ولا رأيا قط قال فاشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال فهل يزيدون أو ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه قلت لا قال فهل يغدر إذا عاهد قلت لا ونحن الآن منه في ذمة قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف حربكم وحربه قلت دول وسجال قال فما يأمركم به قلت امرنا ان نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ويامرنا بالصلاة والزكاة ويامرنا بالوفاء بالعهد وأداء الأمانة. فقال لترجمانه قل له اني سألتك عن نسبه فزعمت أنه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها وسألتك هل هذا القول قاله أحد منكم قبله فزعمت أن لا فلو كان أحد منكم قال هذا القول قبله لقلت هو يأتم بقول قيل قبله وسألتك هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا فعرفت انه لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله وسألتك هل كان من آبائه ملك فقلت لا فلو كان من آبائه ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم فقلت ضعفاؤهم وهم اتباع الرسل لأن الغالب ان اتباع الرسل هم أهل الاستكانة وسألتك هل يزيدون أو ينقصون فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الايمان حتى يتم وسألتك هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه فزعمت أن لا وكذلك الايمان إذا حصل به انشراح الصدور وسألتك هل يغدر فذكرت ان لا وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك هل قاتلتموه فقلت نعم وان حربكم وحربه دول وسجال وكذلك الرسل تبتلي ثم تكون لهم العاقبة وسألتك ما ذا يأمركم به فزعمت إنه يأمركم بالصلاة والصدقة والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة فعلمت انه نبي.
3 كتابه إلى كسرى ملك الفرس أرسله مختوما مع عبد الله بن حذافة السهمي وهو أحد الستة المتقدمة وقيل مع غيره، فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أدعوك بدعاية الله فاني انا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فان أبيت فعليك اثم المجوس الذين هم اتباعك.
قال عبد الله: فاتيت إلى بابه وطلبت الاذن عليه حتى وصلت إليه فدفعت إليه كتاب رسول الله ص فقرئ عليه فاخذه ومزقه.
4 كتابه إلى المقوقس ملك القبط واسمه جريح بن مينا أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة اللخمي أحد الستة المتقدمة منصرفة من الحديبية وفيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فاني أدعوك بدعاية الاسلام أسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين فان توليت فإنما عليك اثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون.
وختم الكتاب وجاء به حاطب حتى دخل على المقوقس بالإسكندرية فلما قرأه قال ما منعه إن كان نبيا ان يدعو على من خالفه ان يسلط عليهم فقال له حاطب أ لست تشهد ان عيسى بن مريم رسول الله فما له حيث اخذه قومه فأرادوا ان يقتلوه ان لا يكون دعا عليهم قال أحسنت أنت حكيم جاء من عند حكيم وأكرم حاطبا واهدى إلى النبي ص جاريتين مارية أم إبراهيم وسيرين وبغلة بيضاء وهي دلدل ولم يكن في العرب يومئذ غيرها وكتب إلى النبي ص قد علمت أن نبيا قد بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وأهديت لك كسوة وبغلة تركبها ولم يزد على هذا ولم يسلم وقارب ووضع كتاب النبي ص في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له.
5 كتابه إلى الحارث بن أبي شمر الغساني أرسله إليه مع شجاع بن وهب الأسدي وهو أحد الستة المتقدمة وكان بغوطة دمشق مشغولا بتهيئة الأنزال والالطاف لقيصر وقد جاء من حمص إلى إيليا بيت المقدس ليفي نذره كما مر، وكان فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن به وصدق واني أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملكك. وختم الكتاب.
فقرأه ثم رمى به وقال من ينزع مني ملكي انا سائر إليه علي بالناس فلم يزل جالسا يعرض عليه العسكر حتى الليل وامر بالخيل ان تنعل ثم قال لي أخبر صاحبك بما ترى وكتب إلى قيصر بالخبر فكتب إليه ان لا تسر إليه وآله عنه فامر لي حينئذ بمائة مثقال ذهب.