منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٧٢٦
عدم تسلم السيرة المزبورة مما لا ينكر.
نعم المتيقن من بناء العقلا على كون المتكلم في مقام بيان تمام مراده هو ما إذا جرت عادة المتكلم على الركون إلى القرائن المتصلة بحيث يبين تمام مرامه في مجلس واحد، ولا يعتمد في بيان مراده على القرائن المنفصلة، فحينئذ إذا احتملنا عدم كون المطلق تمام الموضوع للحكم - كالرقبة - وأن الطبيعة جز الموضوع، فلا بأس بالتمسك بالأصل العقلائي المزبور، والبناء على أن المطلق تمام مراده.
وأما إذا جرى دأب المتكلم على الاعتماد على القرائن المنفصلة لمصالح توجب ذلك، فبناء العقلا على جريان الأصل المذكور حينئذ غير ثابت والشك فيه يوجب التوقف عن إجرائه، بل لا بد في الاخذ بالاطلاق من الوثوق والاطمئنان بكون المتكلم في مقام بيان تمام مراده بهذا الكلام.
ثم إن الظاهر أن منشأ سيرة أبناء المحاورة التي أشار إليها في المتن هو التحفظ على حكمة الوضع وفائدته، وهي الحكاية عن المعنى الموضوع له للتفهيم والتفهم، حيث إن المتكلم العاقل لا يصدر عنه التكلم الذي هو فعل اختياري له الا بداعي غايته الطبيعية وهي تفهيم المعاني بالألفاظ الموضوعة لها، بحيث يكون إلقاء الكلام بدون إرادة معناه إهمالا لتلك الفائدة من دون قرينة على هذا الاهمال، فكونه مريدا لمعنى الكلام الذي جعل قالبا له مما يحكم به العقلا، ويحتجون عليه بظاهر كلامه، ولذا لو ادعى إرادة خلافه لا تسمع دعواه. و هذا أصل عقلائي جرت عليه سيرتهم قديما وحديثا، فهذا الأصل من