منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٥٦
أي فرد كان، وهذا بخلاف النهي، لتوقف امتثاله على ترك جميع أفراد الطبيعة، لانحلال النهي إلى نواه عديدة بتعدد أفرادها الطولية و العرضية.
والسر في اختلاف الأمر والنهي في ذلك: أن المصلحة في الامر قائمة بالطبيعة المتحققة بوجود فرد ما منها، والمفسدة في النهي قائمة بالطبيعة أيضا، لكن الانزجار عن متعلقه لا يتحقق عقلا الا بترك جميع الافراد التي انحل خطاب النهي إليها، فكل فرد بعينه منهي عنه.
بخلاف الامر، فان كل فرد من أفراد متعلقه مأمور به على البدل.
فعلى القول بالامتناع لا سبيل إلى تقييد جانب النهي، بل لا بد من تقييد جانب الامر، وترجيح جانب النهي عليه وان كانت مصلحة الامر أقوى من مفسدة النهي، إذ المصلحة الباعثة على الامر وان كانت أقوى من المفسدة الداعية إلى النهي، لكنها تحصل بإتيان فرد ما من متعلقه. بخلاف المفسدة، فان التحرز عنها لا يحصل إلا بترك جميع الافراد المشتملة عليها، فيمكن الجمع بين الغرضين بترك جميع ما يشتمل على المفسدة من الافراد، والآتيان بفرد خال عن تلك المفسدة من أفراد الطبيعة المأمور بها المشتملة على المصلحة.
وبالجملة: يجب تقييد إطلاق الامر بالطبيعة بالافراد الخالية عن المفسدة).
هذا ملخص ما في تقريرات بحث سيدنا الفقيه البروجردي قدس سره.
لكن فيه: أن ما أفيد خلاف الفرض، وهو تقديم جانب الامر على النهي لأقوائية مصلحته من مفسدة النهي، إذ لا معنى للتقديم الا مغلوبية المفسدة بالمصلحة، وعدم مانعيتها عن استيفاء مصلحة الامر بالفرد المشتمل على المفسدة، وعن تمشي قصد القربة وحصول التقرب به، من دون مانع عنه، لا من الفعل ولا من الفاعل.