منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ١١٤
المتزاحمات [1] بل الواجبات (1). وأرجحية (×) الترك (2) من الفعل
____________________
(1) يعني: إذا أتى بالواجب المهم وترك الأهم كان صحيحا، لأجل ما فيه من المصلحة.
(2) إشارة إلى توهم، وهو: أنه قد يقال بالفرق بين المقام الذي يكون
[1] لكن فرق واضح بين المقام أعني: كون الترك ذا مصلحة، اما لانطباق عنوان وجودي راجح عليه بناء على إمكانه، وتعقل مصداقية العدم للوجود، واما لجهة أخرى، وبين المستحبات المتزاحمات التي هي أضداد وجودية ذوات مصالح، وذلك لان مصلحة الترك في الأول مع غلبتها تؤثر في مبغوضية الفعل، ومحبوبية تركه المستلزمة لعدم صلاحية الفعل للمقربية. بخلاف الثاني، ضرورة أن اشتمال الضد الوجودي على مصلحة مؤثرة في طلب فعله لا يؤثر في مبغوضية ضده، فلو تركه وأتى بضده الواجد لملاك الاستحباب، فقد فعل ما هو المقرب إليه سبحانه وتعالى، هذا.
مضافا إلى: أن مقايسة المقام بالمستحبات المتزاحمة مبنية على كون مفاد النهي طلب الترك حتى يتزاحم الطلبان، وقد مر في أول مباحث النهي فساده، وأن مفاد النهي ليس الا الزجر عن متعلقه، وأنه لا طلب في النهي أصلا.
وإلى: أن ظاهر النصوص كون النوافل المبتدئة في الأوقات المخصوصة، وصوم يوم عاشوراء مما فيه حزازة ومنقصة، لا أنها محبوبة و ذوات مصلحة واستحباب وترك كل منها مستحب أيضا حتى يكون كل من صوم يوم عاشوراء، وتركه مستحبا شرعيا.
(×) ربما يقال: ان أرجحية الترك وان لم توجب منقصة وحزازة في الفعل أصلا، الا أنه يوجب المنع منه فعلا والبعث إلى الترك قطعا، كما لا يخفى، ولذا كان ضد الواجب - بناء على كونه مقدمة له - حراما، ويفسد لو كان عبادة، مع أنه لا حزازة في فعله، وانما كان النهي عنه وطلب تركه لما فيه من المقدمية له، وهو على ما هو عليه من المصلحة، فالمنع عنه لذلك كاف في فساده لو كان عبادة.
قلت: يمكن أن يقال: ان النهي التحريمي لذلك وان كان كافيا في ذلك بلا إشكال، الا أن التنزيهي غير كاف، الا إذا كان عن حزازة فيه، وذلك لبداهة عدم قابلية الفعل المتقرب منه تعالى مع المنع عنه و عدم ترخيصه في ارتكابه، بخلاف التنزيهي عنه إذا كان لا لحزازة فيه، بل لما في الترك من المصلحة الراجحة، حيث إنه معه مرخص فيه، و هو على ما هو عليه من الرجحان والمحبوبية له تعالى، ولذلك لم تفسد العبادة إذا كانت ضد المستحبة أهم اتفاقا، فتأمل.