إمكان تعلق الإرادة بأمر مستقبل، فإن إمكانه بمكان من الوضوح بحيث لا مجال لإنكاره، بل يستحيل أن لا تتعلق الإرادة من الملتفت به إذا كان متعلقا لغرضه، كما هو واضح، بل امتناعه إنما هو لكون الأحكام الشرعية إنما هو على نهج القضايا الحقيقية، ومعنى كون القضية حقيقية هو أخذ العنوان الملحوظ مرآة لمصاديقه المفروضة الوجود موضوعا للحكم، فيكون كل حكم مشروطا بوجود الموضوع بماله من القيود من غير فرق بين أن يكون الحكم من الموقتات أو غيرها، غايته أن في الموقتات يكون للموضوع قيد آخر سوى القيود المعتبرة في موضوعات سائر الأحكام من العقل والبلوغ والقدرة وغير ذلك.
وحينئذ ينبغي أن يسئل ممن قال بالواجب المعلق أنه أي خصوصية بالنسبة إلى الوقت حيث قلت بتقدم الوجوب عليه دون سائر القيود؟
وليت شعري ما الفرق بين الاستطاعة في الحج والوقت في الصوم حيث كان وجوب الحج مشروطا بها ولم يكن وجوب الصوم مشروطا بالوقت، فإن كان الملاك في الأول هو كونها مأخوذا قيد للموضوع ومفروض الوجود، فالوقت أيضا كذلك، بل الأمر فيه أوضح، لأنه لا يمكن إلا أخذه مفروض الوجود، لأنه أمر غير اختياري، وكل ما هو كذلك لابد أن يؤخذ مفروض الوجود، ويقع فوق دائرة الطلب، ويكون التكليف بالنسبة إليه مشروطا لا مطلقا، وإلا يلزم تكليف العاجز.
والحاصل: أن القول بتقدم التكليف عليه - كما هو الشأن في سائر القيود التي يتقدم التكليف عليها، كالطهارة والساتر وغير ذلك - يستلزم محالا في محال، لأنه يلزم أولا لزوم تحصيله، كما في تلك القيود، والمفروض عدم إمكان تحصيله، وثانيا تحصيل الحاصل، لاستلزامه تحصيل ما هو مفروض الوجود.
وبالجملة دعوى إمكان الواجب المعلق في القضايا الشرعية التي تكون