تحقق ذلك المراد، فالإرادة المتعلقة بشرب الماء ليست هي نفس الإرادة المتعلقة بتحريك العضلات نحو الإناء الواقع فيه الماء، لما قد حقق في محله من عدم إمكان تعلق إرادة واحدة بمرادين، وكذا لا يجوز تعلق إرادتين بمراد واحد، ضرورة أن تشخص الإرادة إنما هو بالمراد، كما قرر في محله (1).
فإذا ثبتت تعدد الإرادة، فنقول: إن الإرادة المتعلقة بتحريك العضلات هي التي تكون علة تامة لحركتها، لا لكون الإرادة علة لحصول كل مراد، بل لأنه حيث تكون القوى مقهورة للنفس محكومة بالنسبة إليها، فلا محالة لا تتعصى عن إطاعتها، كما أنه ربما يعرض بعض تلك القوى ما يمنعه عن الانقياد لها، فربما تريد تحريكها ومعه لا تتحرك لثبوت المزاحم.
وبالجملة فالإرادة لا تكون علة تامة بالنسبة إلى كل مراد، بل إنما تكون كذلك فيما لو كان المراد تحريك قوى النفس مع كونها سليمة عن الآفة وقابلة للانقياد عنها، لما عرفت من عدم التعصي عنها، وحينئذ فلو فرض أن النفس أراد تحريكها في الاستقبال فهل الانقياد لها يقتضي التحرك في الحال أو في الاستقبال؟
والحاصل: أن منشأ الحكم بامتناع تعلق الإرادة بأمر استقبالي هو كون الإرادة علة تامة، وبعدما عرفت من عدم كونها كذلك في جميع الموارد وفي موارد ثبوتها لا ينافي كون المراد أمرا استقباليا كما عرفت، لم يبق وجه لامتناع انفكاك الإرادة عن المراد بعد وضوح إمكان تعلق الإرادة بما هو كذلك.
منها: أن ما ذكره في مقام الجواب عن المتن من أنه إذا كان المراد ذا مقدمات كثيرة تكون المقدمات تابعة لذيها بالنسبة إلى الشوق لا الإرادة، فيرد