بنحو يوجب وقوعه تحقق المحال، كما سيجئ.
وكيف كان: فاللازم هو البحث في كل منهما، ولا يخفى أن إثبات الإمكان بأحد معنييه مما يحتاج إلى إقامة برهان، ومن المعلوم أنه لا برهان له. ولكن الذي يسهل الخطب: أنه لا احتياج إلى إثبات الإمكان، ضرورة أن ما هو المحتاج إليه إنما هو رد أدلة الامتناع، لأنه إذا لم يدل دليل على الامتناع فمع فرض قيام دليل شرعي على التعبد بالأمارات نعمل على طبقه، ولا يجوز لنا رفع اليد عن ظاهره، وهذا بخلاف ما لو دل دليل عقلي على الامتناع، فإنه يجب صرف دليل الحجية والتعبد عن ظاهره، كما هو الشأن في جميع الموارد التي قام الدليل العقلي على خلاف ظواهر الأدلة الشرعية. فالمهم في المقام هو رد أدلة الامتناع، ليستكشف من دليل التعبد الإمكان الوقوعي، لا إثبات الإمكان.
ومن هنا يظهر: أن الإمكان الذي يحتاج إليه في المقام هو الإمكان الواقع في كلام شيخ الرئيس، وهو قوله: " كلما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان مالم يذدك عنه قائم البرهان " (1)، لما عرفت من أن رد أدلة الامتناع الموجب لثبوت احتمال الجواز يكفي في هذا الأمر، لأنه لا موجب معه من صرف دليل التعبد عن ظاهره، كما لا يخفى. فالأولى في عنوان البحث أن يقال:
" في عدم وجدان دليل على امتناع التعبد بالأمارة الغير العلمية ".
وأما جعل البحث في الإمكان فمضافا إلى عدم الاحتياج إليه يرد عليه ما عرفت من عدم إقامتهم الدليل على إثباته، مع أنه أيضا كالامتناع في الاحتياج إلى الدليل، فتدبر.
ثم إنه ذكر بعض الأعاظم - على ما في تقريرات بحثه -: أن المراد