ولابد قبل الخوض في ذلك من بيان حقيقة الحكم.
فنقول: هل الحكم عبارة عن نفس الإرادة التشريعية الكامنة في نفس الحاكم مطلقا أو بشرط أن يظهرها المريد بأحد المظهرات من القول أو الفعل أو أنه منتزع من البعث أو الزجر اللذين هما مفاد هيئة الأمر والنهي؟ وجوه، والظاهر هو الثالث، لأن مجرد تعلق الإرادة التشريعية بشئ لا يعد من باب تعلق الحكم به وإن كانت ربما يجب متابعتها، فإن وجوب المتابعة ليس متفرعا على خصوص حكم المولى، بل لو اطلع العبد على تعلق إرادة المولى بإتيانه شيئا، فاللازم - كما يحكم به العقل والعقلاء - متابعة إرادته، بل ربما يجب تحصيل غرضه وإن لم تنقدح إرادة متعلقة به في نفس المولى لغفلته أو نومه أو غيرهما.
ألا ترى أنه لو أشرف ولد المولى مثلا على الغرق في البحر ولم يكن المولى مطلعا عليه حتى يبعث العبد نحو خلاص ولده، يكون على العبد ذلك وأن ينجي ولده من الهلاك.
وبالجملة، فوجوب الإتيان عقلا أعم من الحكم، والذي يطابقه الوجدان هو أن منشأ انتزاع الحكم هو نفس البعث والزجر المتوجهين إلى العبد، وحينئذ فلا إشكال في عدم تحقق الحكم قبل حصول الشرط، لعدم ثبوت البعث قبله، كما هو واضح.
إذا عرفت ما ذكرنا: فاعلم أن بعض الأعاظم بعد اختياره أن الحكم عبارة عن نفس الإرادة التشريعية التي يظهرها المريد بالقول أو الفعل (1) ذهب إلى خلاف ما عليه المشهور، وأن الإرادة في الواجب المشروط موجودة قبل تحقق