يكون الماء واقعا في ظرف كذا أو مع خصوصية كذا، ولا إشكال في كون الإرادة المتعلقة بمراده إرادة مطلقة، فلو أمر غلامه بسقيه، يكون السقي واجبا مطلقا من حيث خصوصيات الماء أو الظرف الواقع فيه ونظائرهما.
وقد يتعلق إرادة الإنسان بشئ مقيد بأمر كذا بحيث لا يحصل غرضه إلا بحصول الشئ مقيدا، كما إذا أراد السقي بالماء الخاص لترتب الأثر المقصود عليه مع الخصوصية، فيأمر بالسقي بذلك الماء، ولا إشكال أيضا في كون الإرادة المتعلقة بما يحصل به غرضه إرادة مطلقة غير مقيدة بشئ، إذ الإرادة لا تتعلق إلا بما يؤثر في حصول غرضه، كيف ومن مقدماته التصديق بفائدة الشئ المراد، والمفروض أن الفائدة مترتبة على الشئ المقيد بوصف كذا.
وقد يتعلق إرادة الإنسان بشئ من دون التقييد بوصف ولكن لا يتمكن من الأمر به مطلقا، لمانع فيه أو في المأمور، كما إذا أشرف ولده على الغرق والهلاك، فالإرادة المتعلقة بنجاة ولده إرادة مطلقة غير مقيدة بشئ ولكن لا يمكن له الأمر بذلك مطلقا، لأنه ربما يكون العبد عاجزا عن الإتيان بالمأمور به، وربما يكون المانع من قبل نفسه.
وقد يتعلق إرادة الإنسان بشئ على فرض حصول شئ آخر، لأن الغرض يترتب عليه على ذلك التقدير، كما إذا أراد ضيافة صديقه على فرض مجيئه إلى منزله، فالإرادة المتعلقة بالضيافة ليست إرادة مطلقة، بل مقيدة بحصول ذلك الشئ.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر: أن القيود بحسب الواقع واللب مع قطع النظر عن ظاهر الدليل على قسمين: قسم يتعلق بالمادة، وهو الذي له دخل في حصول الغرض المطلوب، كالقسم الثاني من الأقسام المتقدمة، وقسم يتعلق بالهيئة التي مفادها البعث والتحريك، كالقسمين الأخيرين.