وربما يفصل - كما في الدرر -: بين ما إذا كان إحراز وحدة التكليف من ناحية وحدة السبب وبين غيره، وهو ما إذا كان إحرازها من جهة القرائن الأخر بوجوب الحمل والتقييد في مثل الأول، وتحقق الإجمال في الثاني.
أما ثبوت الإجمال في الأخير: فلأن الأمر يدور بين حمل الأمر المتعلق بالمطلق على ظاهره من الوجوب والإطلاق والتصرف في أمر المقيد إما هيئة بحمله على الاستحباب، وإما مادة برفع اليد عن ظاهر القيد من دخله في الموضوع، وجعله إشارة إلى الفضيلة الكائنة في المقيد، وبين حمل المطلق على المقيد، ولا ترجيح لأحد الوجهين على الآخر.
وأما تعين التقييد في الأول، لأنه لاوجه للتصرف في المقيد بأحد النحوين المذكورين، فإن السبب لو كان علة لوجوب المطلق فلا يعقل أن يكون علة لوجوب المقيد أو استحبابه، لأن استناد المتبائنين إلى علة واحدة غير معقول (1).
أقول: لا يبعد أن يقال بترجيح التقييد في الفرض الثاني على التصرف في المقيد بأحد الوجهين عند العقلاء في أكثر الموارد.
نعم قد يبلغ الإطلاق من القوة إلى حد لا يمكن رفع اليد عنه بمجرد ظهور الأمر المتعلق بالمقيد في الوجوب، كما لا يخفى.
ثم إنه اختار المحقق النائيني - على ما في التقريرات - وجوب الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد مطلقا من غير فرق بين كون ظهور الأمر في المطلق أقوى في الإطلاق من ظهور الأمر في المقيد في التقييد أو أضعف.
قال في بيانه ما ملخصه: أن الأمر في المقيد يكون بمنزلة القرينة على