أصلا، كما هو واضح، فلابد من أن يكون هذا القيد وصفا لنفس المعنى مع قطع النظر عن كونه مدلولا للفظ.
منها: أن مقتضى التعريف اختصاص الإطلاق بالمعاني الكلية، ضرورة أنها تكون شائعة في جنسها، أي الأفراد المجانسة لها، لا الجنس الاصطلاحي المنطقي، وأما الأمور الجزئية الغير القابلة للسريان فظاهره أنها لا تكون متصفة بالإطلاق مع أنها أيضا كذلك، ضرورة أن قوله: أكرم زيدا، مطلق غير مشروط بشئ أصلا.
ودعوى أن المعاني الجزئية غير قابلة للتقييد فلا يتصف بالإطلاق، مدفوعة بمنع ذلك، فإن الأمور الجزئية أيضا قابلة للتقييد، فإن جعل زيد مثلا موضوعا للحكم تارة يكون بنحو الإطلاق، واخرى مقيدا بمجيئه أو بغيره من الحالات والعوارض، كما هو واضح.
منها: أن هذا التعريف يشمل بعض المقيدات أيضا، ضرورة أن الرقبة المقيدة بالمؤمنة أيضا شائعة في جميع أفراد الرقبة المؤمنة، كما لا يخفى فالأولى أن يقال: إن المطلق عبارة عن المعنى المعرى عن القيد المعبر عنه بالفارسية ب (رها بودن) والمقيد بخلافه، ولا شبهة في أنهما وصفان إضافيان، ضرورة أن المعنى الملحوظ مع أمر آخر تارة يكون مقيدا به واخرى معرى عنه، وهذا المعنى يجري في جميع القيود، وربما يكون مقيدا ببعضها وغير مقيد بالبعض الآخر، وهو - أي المطلق - قد يكون وصفا للحكم، وقد يكون وصفا لمتعلقه، وقد يكون وصفا لموضوعه، وقد يكون وصفا لنفس المعنى مع قطع النظر عن تعلق الحكم، فإن ماهية الإنسان مطلقة والإنسان الأبيض مقيدة ولو لم يكن في البين حكم أصلا، كما هو واضح، والإطلاق في الجميع بمعنى واحد، وهو خلوه عن التقيد بشئ آخر.