لا يدل على صحته، لأن وجودها ليس أثرا له، بل هو نفسه، والنهي عن السبب وإن دل على مقدوريته، إلا أنه لا يلازم الصحة، فقول أبي حنيفة ساقط على جميع التقادير (1). انتهى.
وأنت خبير: بأن السبب من حيث هو لا يكون معاملة أصلا، وإنما هو عبارة عن إيجاد الملكية ووجودها وإن لم يكن أثرا له حتى يتصف بلحاظه بالصحة، إلا أن المقصود ليس اتصافه بها حتى يورد عليه بما ذكر، بل الغرض أن النهي حيث يدل على مقدورية متعلقه، فلا محالة يكون إيجاد الملكية مقدورا له، وهو يوجب صحة المعاملة.
وبالجملة غرضه ليس اتصاف الإيجاد بها، بل اتصاف ما يتصف بها في جميع المعاملات، وذلك يستكشف من مقدورية الإيجاد، فالحق مع أبي حنيفة في دلالة النهي على الصحة في المعاملات.
وأما العبادات: فإن قلنا بكونها موضوعة للأعم، فلا يخفى أن النهي لا يدل على الصحة أصلا، لكونها مقدورة مع عدمها، وإن قلنا بكونها موضوعة للصحيح، فكذلك أيضا، نظرا إلى أن المراد بالصحيح في ذلك الباب هو الواجد لجميع الأجزاء والشرائط غير ما يأتي منها من قبل الأمر، كقصد القربة، لما تقدم في مبحث الصحيح والأعم من اتفاق القائلين بكونها موضوعة للصحيح. على أن المراد به هي الصحة مع قطع النظر عما يأتي من قبل الأمر، ومن المعلوم أنها مقدورة مع فسادها، كما لا يخفى.
وأما الصحيح مع ملاحظة جميع الشرائط حتى الآتي منها من قبل الأمر فلا يمكن تعلق النهي به أصلا، لأنه لا يعقل أن تكون مبغوضة، فلا يبقى مجال في