الصحة والفساد في الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي، وبينهما في الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري أو الاضطراري بالقياس إلى الأمر الواقعي بعدم معقولية الجعل في الأول دون الثاني (1) مما لا سبيل إليه، فإنه يرد عليه - مضافا إلى ما عرفت من أن مسألة الصحة والفساد لا ربط لها بمسألة الإجزاء وعدمه، فإنهما إنما يعتبران بالقياس إلى نفس الأمر الظاهري والاضطراري، وتلك المسألة إنما تكون متعرضة لحاله من حيث الإجزاء وعدمه بالنسبة إلى أمر آخر - أن معنى الأمر الظاهري مثلا لو كان راجعا إلى التصرف في المأمور به بالأمر الواقعي سعة وضيقا بحيث كان مرجع تجويز الصلاة مع الطهارة المستصحبة مثلا إلى التصرف في دليل اعتبار الطهارة في الصلاة بعدم كون المعتبر فيها هو خصوص الطهارة الواقعية بل الأعم منها ومن الطهارة الظاهرية، فلا يعقل جعل الصحة للمأتي به في الخارج مع الطهارة المستصحبة مثلا، لأن موافقته مع المجعول الشرعي أمر واقعي نفس الأمري، ولا يعقل فيه الجعل ولو لم يكن معنى الأمر الظاهري راجعا إلى ما ذكرنا، بل المراد منه مجرد تجويز الصلاة معها مثلا تسهيلا للعباد بعدم لزوم التفحص، أو تحصيل الطهارة اليقينية ما دام لم ينكشف الخلاف، فلا يعقل جعل الصحة إذا انكشف بعد عدم عمومية الطهارة المعتبرة في الصلاة وكون الشرط هو خصوص الطهارة الواقعية لفساد العبادة واقعا، لعدم كونها موافقة للمجعول الشرعي، كما هو واضح.
فالحق أن الصحة والفساد مطلقا من الأمور الواقعية الغير القابلة للجعل، ولا فرق بين الموارد أصلا، فتأمل جيدا.