تعييني، كما إذا كان لشخص عشرة دنانير، ودار أمرها بين ان يصرفها في مؤنة من تجب عليه مؤنته، وبين ان يصرفها في كفارة شهر رمضان، حيث إن لكفارة شهر رمضان بدلا و هو صوم شهرين متتابعين، فإنه لا اشكال في تقدم مالا بدل له على ماله البدل.
بل قد مر ان هذا في الحقيقة خارج عن التزاحم، وانما يكون التزاحم فيه بالنظر البدوي إذ مالا اقتضاء فيه لا يمكن ان يزاحم ماله اقتضاء، لان دليل الواجب التخييري أو الموسع لا يقتضى لزوم الاتيان بخصوص الفرد المزاحم، بخلاف دليل الواجب المضيق أو المعين.
المورد الثاني: لهذا المرجح، ما إذا كان لاحد الواجبين بدل في طوله دون الاخر كما لو زاحم وجوب الوضوء مع وجوب انجاء النفس المحترمة من الهلاكة.
ومثل لذلك بمثالين، أحدهما ما إذا وقع التزاحم بين الامر بالوضوء والامر بتطهير البدن أو اللباس للصلاة فبما ان الوضوء له بدل وهو التيمم فلا يمكن مزاحمة امره مع امر التطهير فيقدم رفع الخبث ويكتفى بالصلاة مع الطهارة الترابية.
ثانيهما: ما إذا دار الامر بين ادراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية و ادراك ركعة واحدة مع الطهارة المائية، ثم أورد على نفسه: بان ادراك ركعة واحدة في الوقت بدل عن تمام الصلاة فيه فيكون الدوران بين واجبين لكل منهما بدل، وأجاب عنه بان بدلية ادراك الركعة الواحدة عن تمام الصلاة في الوقت انما هي على تقدير العجز عن ادراك تمام الصلاة فيه وقد فرضنا قدرة المكلف على ادراك تمامها فيه فلا موجب لسقوط التكليف باتيان تمام الصلاة في وقتها فيجب الاتيان بتمام الصلاة في وقتها مع الطهارة الترابية.
أقول: ما ذكره في المورد الثاني من الكبرى الكلية تام إذ كل مورد ثبت فيه البدل شرعا لواجب فلا محالة يكون ذلك الواجب مقيدا بالقدرة، لأنه لا معنى لجعل شئ بدلا طوليا لشئ الا كون ذلك البدل مقيدا بالعجز عن ذلك الشئ وحيث إن التفصيل قاطع للشركة فلازمه تقييد ذلك الواجب بالتمكن والقدرة، سواء صرح في لسان الدليل بذلك كآية التيمم أو لم يقع التصريح به في لسان الدليل، فتكون كما صرح به.