الحجية بالنسبة إلى الباقي فما لم يعلم شمول الحكم وشك فيه لا حجة على ثبوته، أم لا؟
وتنقيح القول فيه بالبحث في مواضع ثلاثة.
الأول: ما إذا كان المخصص مبينا مفهوما ومصداقا، وكان الشك في شمول العام لمورد ناشئا عن الاشتباه في الحكم، كما إذا ورد أكرم كل عالم، وخصص ذلك ب (لا تكرم مرتكب الكبائر من العلماء) وشك في وجوب اكرام العالم المرتكب للصغائر.
الثاني: ما إذا كان المخصص مجملا مفهوما، وكان الشك في شمول العام لمورد من الاشتباه في مفهوم الخاص، ودورانه بين السعة والضيق كما إذا ورد (أكرم كل عالم) ثم ورد (لا تكرم الفساق منهم) وفرضنا ان مفهوم الفاسق كان مجملا مرددا بين ان يكون خصوص المرتكب للكبائر، أو الجامع بينه وبين المرتكب للصغائر، وشككنا في وجوب اكرام العالم المرتكب للصغيرة ومنشأه اجمال مفهوم الخاص.
الثالث: ما إذا كان المخصص مجملا مصداقا يعنى كان الشك في شمول العام لمورد ناشئا من الاشتباه في الأمور الخارجية، كما إذا دل الدليل على وجوب اكرام العلماء، ودل دليل آخر على عدم وجوب اكرام الفاسق منهم، وشككنا ان زيدا فاسق أم لا؟
اما الأول: فلا خلاف بين أصحابنا في حجية العام في الباقي كما عن المعالم، وعن الفصول والقوانين دعوى الاتفاق عليه، وانما الخلاف فيه يكون بين العامة حيث نسب إلى جماعة منهم عدم جواز التمسك بالعام مطلقا، ونسب إلى آخرين التفصيل بين ما كان المخصص منفصلا وما كان متصلا فذهبوا إلى عدم جواز التمسك بالعام على الأول دون الثاني، وربما نسب إلى بعضهم التفصيل بين الاستثناء وغيره.
واستدل النافي بان اللفظ حقيقة في العموم، فبعد التخصيص، يعلم أنه غير مراد فهو لم يستعمل في العموم، فلا يكون حجة في الباقي لتعدد مراتبه، ومعلوم ان المعاني المجازية إذا تعددت، فإرادة كل واحد منها تحتاج إلى قرينة معينة، وحيث لا قرينة فبالطبع يصبح العام مجملا، فلا يمكن التمسك به، وبالجملة ففي كل مورد كان المعنى المجازى متعددا يحتاج إرادة معنى واحد من تلك المعاني إلى قرينتين صارفة، ومعينة وفى المقام القرينة الصارفة وهو المخصص موجودة، والقرينة المعينة غير موجودة فلا