والحرمة، معلولان لعلة في مرتبة واحدة بلا سبق ولحوق بينهما، فالقاعدة تقتضي سقوط الامر عند تعذر قيده، والمقام كذلك و ووجهه على ما في تقريرات المحقق الكاظمي ان القيدية في هذا النوع وان استفيدت من النهى الا انها ليست معلولة للنهي، بل هي معلولة للملاك الذي أوجب النهى فالحرمة والقيدية معلولان لعلة ثالثة وهو الملاك وسقوط أحد المعلولين بالاضطرار لا يوجب سقوط المعلول الاخر، فالقيدية المستفادة من النهى النفسي أيضا تقتضي القيدية المطلقة. وعلى ما في تقريرات بعض تلامذة الأستاذ، ان الوجوب والحرمة متضادان و قد تقدم في بحث الضد ان وجود أحد الضدين ليس مقدمة لعدم الضد الاخر فلا تقدم ولا تأخر بينهما، كما لا تقدم ولا تأخر بين وجوديهما، فإذا كان الامر كذلك: استحال ان يكون عدم الوجوب متفرعا ومترتبا على الحرمة فلا يكون الدليل دالا على الحرمة في مرتبة متقدمة وعلى عدم الوجوب في المرتبة المتأخرة بل تكون دلالته عليهما في مرتبة واحدة فالقاعدة الأولية تقتضي سقوط الامر بالمركب عند الاضطرار وتعذر قيد من قيوده دون سقوط التقييد.
ولكن يرد على التقريب الأول الذي ذكره المحقق الكاظمي (ره) انه وان كان مقتضى حديث الرفع وما شاكله الوارد في مورد الامتنان ثبوت الملاك والمقتضى، والا لم يكن رفع الحكم مستندا إلى الامتنان بل كان مستندا إلى عدم المقتضى كما هو واضح.
الا ان الملاك الذي لا يؤثر في المبغوضية لا يكون مانعا عن صحة العبادة: إذ الفعل المشتمل عليه يكون في نفسه جائزا، وإذا كان جائزا لم يكن مانعا عن التمسك باطلاق دليل الواجب لاثبات كونه مصداقا له.
ويرد على التقريب الثاني: ان عدم ترتب عدم أحد الضدين على وجود الاخر واقعا وفى عالم الثبوت غير عدم ترتب ثبوته على ثبوته في مقام الدلالة والكشف والمدعى هو الثاني، وبديهي ان دليل الحرمة لا يدل بالدلالة المطابقية على فساد العبادة وعلى تقيدها بقيد، وعلى عدم الوجوب، بل يكون ذلك بالدلالة الالتزامية كما هو الشأن في المتلازمين، بل يكون الدليل الدال على المعلول دالا على وجود علته بالدلالة الالتزامية