وظن مقدار خاص من الاستمرار بملاحظة حال النوع الذي هو من جملتها.
فالحكم الشرعي - مثلا - نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الممكن، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الأحكام الشرعية. فإذا أردنا التكلم في إثبات الحكم الشرعي فنأخذ الظن الذي ادعيناه من ملاحظة أغلب الأحكام الشرعية، لأنه الأنسب به والأقرب إليه، وإن أمكن ذلك بملاحظة أحكام سائر الموالي وعزائم سائر العباد.
ثم إن الظن الحاصل من جهة الغلبة في الأحكام الشرعية، محصله: أنا نرى أغلب الأحكام الشرعية مستمرة بسبب دليله الأول، بمعنى أنها ليست أحكاما آنية مختصة بآن الصدور، بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنه يريد استمرار ذلك الحكم الأول من دون دلالة الحكم الأول على الاستمرار، فإذا رأينا منه في مواضع عديدة أنه اكتفى - حين إبداء الحكم - بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه، ثم علمنا أن مراده من الأمر الأول الاستمرار، نحكم فيما لم يظهر مراده، بالاستمرار، إلحاقا بالأغلب، فقد حصل الظن بالدليل - وهو قول الشارع - بالاستمرار. وكذلك الكلام في موضوعات الأحكام من الأمور الخارجية، فإن غلبة البقاء يورث الظن القوي ببقاء ما هو مجهول الحال (1)، انتهى.